منذ 11 سنة كان هناك ثوار وفي مواجهتهم قوات أمن، كان سهلاً علينا سماع من ينتصر في كل معركة، كان سهلاً سماع صوت القمع وصوت المقاومة.
الصوت.. أيقظني في يوم 28 يناير 2011 ودفعني إلى الخروج، صوت المظاهرات والناس. ظلّ السمع أقوى من النظر خلال الثورة، للشعور بالاطمئنان أو لترصّد الخطر. هناك أحداثٌ في الثورة سمعتها ولم أرها. عشتها بالصوت فقط.
الفترة بين 2011 و2013 كانت مسرح أصوات الشد والجذب، المليونيات والميكروفونات والاشتباكات. ثم حلّ الصمت في وسط القاهرة. فرغت الشوارع، وبقيت أصوات عمليات استتباب الأمن فقط، وحتى هذه الأخيرة صارت تأتي في مواسم معيّنة وتختفي تاركةً الشوارع لفراغها وصمتها.
ماذا لو عاش الإنسان عشر سنوات أو أكثر داخل صندوق لا يعرف من الخارج سوى ما يصله من أصوات، هل يمكنه أن يخبر بما يحصل؟ تغيّر صوت المدينة اليوم، تفرض الدولة حظر تجوال في وسط البلد لتمرّ مواكب المومياوات، تريد صورةً من دون ناس، والصوت الذي يصل ساكني المنطقة أيضاً خالٍ من أصوات الناس.
انقلبت الأصوات في تلك الفترة وتغيّرت دلالاتها، قد ننسى صوراً عشناها وشهدناها، لكن حاسة السمع لا يُمكن مخاتلتها، تنتبه لوحدها مع كل حركة.. بل وتجعلني أتخيل، أكثر من مرة، أن هناك مظاهرةٌ قادمة علينا من مكان ما.
لكن بين جنبات الصمت وفي الشوارع، هنالك جيل صاعد يُشكّل علاقته مع وسط البلد، يمارس هواياته وألعابه فارِشاً أصواتاً جديدة.
مصادر الأصوات: صحيفة المصري اليوم، موقع اليوم السابع، أرشيف حركة مصرِّين.
مصدر الصورة: حسام الحملاوي، وفق رخصة المشاع الإبداعي