fbpx

مرحبا 

انا محمد مهجّر سوري مقيم في تركيا  

بس في لحظات بنسا  فيها اني غريب،

بنخطف من فجاجة وضجيج الواقع لحالة تكاد تكون سحرية..

متل لما اسمع صوت هديل حمامة قريبة،

ورفرفة أجنحتها..

متل مشهد من شعر الهايكو الياباني

يا لها من بركة ماء عتيقة!

ضفدع يقفز فيها

صوت الماء..

فكروا فيها شوي 

بتخيل انه كلنا عشنا هيك ومضة، او سمعنا صوت

سرقنا متل ما بتسرقنا ريحة الخبز الجاية من فرن الحارة   

صوت صغير وكتير عادي، لكنه بيحرك أشياء بداخلنا

ساعات ممكن يحسسنا بالألفة والدفء في أوقات الوحدة

انا بعوّل كتير على هي اللحظات،

بلاقي حالي عم ابحث عنها أو عم حاول التقطها.. 

ولما بعيش هيك لحظة بحس اني بحب كل الدنيا، وبتلفت حولي 

حتى نبه الناس لهاد الصوت، لهي اللحظة،

لحتى اتشارك معهم هاد الفرح 

أمل: الشنطة تبعة البازار،

دائما في نسوان بيجوا وبيطعموا القطط والكلاب وبيرموا لهم أكل

محمد: هاي أمل عبد الكريم ، مغتربة مثلي وبتلاقي الألفة في الأصوات

.. ف جرة شنطة البازار هذي بالليل،

لما جد تكون الدنيا هادية وست كبيرة هي يلي جارّة العربة هذي، 

والبِسَسْ كلهم بيلحقوها بيمشوا وراها،

صوت حلو، صوت مريح مريح جدا كمان 

عرفت كيف إحساس الأمان انه خلص،

رزق الكلب والبسة خلص مقسوم وجاي

انه في خير اي، انه البسس والكلاب مش في الشارع جوعانه 

انه في احد يفكر فيهم وبيطلع بالليل وبيعطيها الاكل يلي هي محتاجته،

على شان تعرف تعيش لليوم الثاني

محمد: حياة أمل مليئة بمشاهد شبيهة، يمكن أكثر من الطبيعي

لأنها تنقلت مع عيلتها مرات ومرات بين أماكن مختلفة

من الصومال للسعودية لمصر ومن مصر للسودان ثم اثيوبيا وأخيرا استقر بها الحال في تركيا

وفي كل مكان جديد كانت محظوظة بومضات بسيطة جدا بتحسسها بالأمان

أمل: في السعودية في السوق، كنت اسمع صوت الاولاد الصغار يبيعون موية (ماء) باردة   

بيبيعو موية باردة وبيقولو: موية موية موية بارد

عرفت باللحن هذا …. موية موية موية بارد… 

اكتر وقت تشتري فيه الناس الموية هو وقت الصلاة 

فصوت الجنزير، وصوت المحلات وهية بتقفل مع موية موية موية بارد ..

بما ان نحن نسوان والرجال كلهم بيروحوا يصلوا 

نحن كنا بس نقعد بمكان بنستنى لحد ما المحلات تفتح 

ف ميبي (يمكن) بتحسسني بالراحة 

محمد: كثير أحيان الإحساس بالألفة أو الونس بيكون مرتبط بالحنين لأماكن تركناها

أنا مثلا باعرف إن علاقتي مع صوت الحمامة بدأ من سنين بسوريا

بتذكر منيح أيام امتحانات الإعدادية والثانوية،

أو الأيام يلي كنت فيها عايش قصة حب من طرف واحد،

وما أكثرهم هدول الأيام

حس حالي وحيد وغريب، حتى وانا بين اهلي ورفقاتي 

بس بلحظة بتمرق حمامة، وبتوقف على شباك الغرفة

بحس بالونس هيك، بدون سابق انذار

كمان صوت ثاني، صوت بسيط جدا لكنه بيفجر جواتي كتير ذكريات ومشاهد قديمة

صوت من كثر ما هو بسيط فأنا ممكن أحمله معي وين ما بروح،

إلى أي مكان، على حسب ما ترميني رياح هي الحياة

صوت تعلمته من أمي، وبسببه انا اليوم بعتبر حالي شاطر بالطبخ

كنا أطفال بنحب البطاطا المقلية وبس نبلش نشم الريحة بيخلص الصبر … ماما مطولة البطاطا ؟

امي بدون ما تلتفت للمقلاية بتقول “سماع ها بلشت تزرزر”

تزرزر يا جماعة هون صوت فقاعات الزيت باللحظة يلي بتقرب تستوي فيها البطاطا

غالبا لأنها بتكون قربت تنشف من المي يلي فيها

هالصوت علمني انتبه للتفاصيل 

كل مكان إله بصمته الصوتية، صوت مميز صعب نلاقيه في أماكن ثانية ..

أمل: الزحمة تبعت البازار والناس يلي بتنادي ..

أمل: صوت سيارات البوري. لغة البوري. يعني لغة خاصة في مصر

البوري هو هاد البيب بيب بيب 

محمد: بس أنا باحس إن السحر الحقيقي بييجي من هاي الأصوات الدقيقة جدا،

ياللي ممكن تكون موجودة بأي مكان

أصوات عادية – بس بالنسبة لإلنا الها حميمية، دلالة خاصة

إلها قصة وتاريخ. فبنحس إنها لإلنا وحدنا

صوت مثل هاد

صوت يكاد يكون تحت مستوى المسموع

أو خلينا نقول على الأقل، صوت عادة بيكون خارج نطاق إدراكنا الواعي

بتذكر منيح بطفولتي المنافسة بيني وبين اخوتي،

باللحظة يلي بنسمع فيها صوت وصول سيارة بابا للبيت.

كنا قادرين نميز صوت احتكاك عجلات السيارة مع الأرض ..

هاد بابا، لا هاد جارنا، لا سيارة جارنا خفيفة ما بتطلع هاد الصوت ..

أمل رفيقتي في البحث عن أصوات الألفة، 

كمان عندها قصة شبيهة مع صوت وصول والدها للبيت:

أمل: كان عنده مشية معينة بابا الله يرحمه 

اول ما يقرب يفتح الباب، بتكون يلي هو شك،

دا بابا ولا يمكن انا سمعت غلط! ..

 بس الطريقة يلي بيفتح فيها الباب وبيدخل فيها دي يلي بتوريني 

انا بكون داخلة بكون جوا في آخر غرفة،

بسمع فتحة الباب هذي على طول بطلع 

محمد: انه هاد بابا / أمل: انه هاد بابا اي 

بس هو الطريقة يلي كان بيمسك فيها بنزل مسكة الباب لتحت،

عرفت كان فيها، كان عندها صوت شوي مختلف

أصوات تشبهنا

هناك لحظاتٌ أنسى فيها أني غريب، يخطفني صوتٌ من ضجيج الواقع إلى حالةٍ سحرية.. أنتقل من اسطنبول إلى الشام في ثانية.
ــــــــ المـكـان
محمد عرواني
23 نوفمبر 2022