fbpx

من لما وعيت عالدنيا بالشام سحرتني الموسيقى الكلاسيكية

عشقت باخ

موتزارت وبيتهوفن وغيرهن 

ومن وراهن، لما كبرت

صار بدّي صير موسيقي 

وإتعلم آلة الكمان

كنت إحلم، إنه يومًا ما

راح كون عازف مشهور

أو حتى قائد أوركسترا مشهور

ويومًا ما، راح إعزف كونشيرتو أو قود شي سمفونية 

بصالة برلين الفيلهارمونية

هالصالة، ياللي بوسط العاصمة الألمانية 

هي فعليا، مقرّ أوركسترا فيلهارموني برلين 

واحدة من الفرق الأشهر بالعالم.

وبهالصالة، عزفوا أكبر العازفين وقادوا أكبر القواد

لذلك كنت إعتبرها، معبد الموسيقى بأوروبا 

وإتخّيل اليوم، ياللي راح زورها فيه، وإحضرلي فيها شي حفلة    

بكرة المسا، راح كون هنيك

ومشواري، ما عاد لازمه فيزا، ولاتذكرة طيارة 

صار بدّه من البيت

شغلة تلت ساعة عالبسكليت

والفرقة ياللي راح إحضرها 

مو فيلهارموني برلين

ولا لندن سيمفوني أوركسترا

وإنما، فرقة أورنينا السورية

العازفين بأورنينا 

معظمهم أصدقائي وزملائي

منهم المقيم برّه من وقت طويل 

ومنهم ياللي ترك البلد وسافر لبرّه بسبب الحرب 

لهيك، حبيت زور البروفة 

إحضر الحفلة 

وسلم عالصبايا والشباب

بالبروفة، شفت عازفين ومغنين ألمان 

مع إنه الموسيقى، ياللي بتقدمها أورنينا 

موسيقى شرقية

منها الكلاسيكي 

مثل الموشح والسماعي 

ومنها حتى الشعبي متل أغاني أيام زمان

لسميرة توفيق وفهد بلان

بس هالأغاني والمقطوعات  

موزّعة بالطريقة الكلاسيكية 

قصدي هون، الموسيقى الكلاسيكية الغربية

ياللي عادةً بكون فيها هارموني – يعني أكتر من لحن مختلف

بنعزفوا مع بعض، بنفس الوقت

مثل هالآلتين ياللي عم نسمعهن هنّه وعم يعزفوا سوا

ولهالشي كمان، في توزيع للأصوات

لأنه لمّا بكون في أكتر من لحن مختلف

عم ينعزفوا مع بعض، بنفس الوقت

لازم يكون في أكتر من آلة

هيك، بيظل لكل صوت 

لون خاص فيه

صرت إسأل حالي:

طيب، إذا موسيقى أورنينا 

مكتوبة بحسب مناهج التوزيع والهارموني 

وفيها آلات 

منشوفها بالأوركسترا الكلاسيكية الغربية 

متل الكلارينت، والترومبيت والهورن 

وبكرة راح تقدّم حفلة

بصالة برلين الفيلهارمونية 

شو عاد لكان الفرق 

بين الموسيقى الشرقية والغربية 

بس قلت 

أحسن ما إسأل حالي 

بسأل شفيع بدر الدين 

قائد فرقة أورنينا ومؤسسها

وياللي قبل ما يصير مؤلف

وقائد فرقة، كان عازف عود

ودرس آلة الكلارينت

وقبل ما نصير أصدقاء، 

درّسني مادة التوزيع الموسيقي 

لما كنت لسّاتني طالب، بالمعهد العالي للموسيقى 

 “بدون شك في فرق بين الموسيقى الشرقية والغربية

في فروقات عديدة، في فروقات بالبناء، في فروقات بالألوان

ميزة الموسيقية الشرقية إنه هي مقامية

موسيقى فيها أرباع صوت.

المقام نفسه هو بيحمل لون وطابع،

وبيترك أثر نفسي وعاطفي” 

هلق المقامات بالموسيقى الشرقية كتيرة،

وهيك -مثل ما قال شفيع –

كل مقام راح يكون إله تأثير مختلف على المستمع

الصبا غير الرست 

والهزام غير النهاوند 

بينما بالموسيقى الكلاسيكية الغربية

فمنقول عنها إنها موسيقى سلميّة

يعني بتعتمد على سلّمين؛

واحد بسموه كبير (ماجور) فينا نوصفه بشكل عام إنه بيحمل شحنة موجبة فرحة

وواحد بيسموه صغير (مينور) بيحمل شحنة سالبة حزينة

أما طيف المشاعر والأحاسيس، ما بين الفرح والحزن

بيعبّر عنها بالهارموني -ياللي شرحته من شوي-

وبأسلوب الأداء، كالتسارع والتباطؤ

أو نبرة العزف والغناء، بالإضافة لعلو الصوت وإنخفاضه 

فرقة أورنينا بقى بتمزج بحفلاتها بين هاي العناصر 

المقام والهارموني، العود والقانون جنبا إلى جنب مع الترومبيت والكلارينت

لكن، بالنهاية متل ما راح يخبرنا شفيع هي بتضل موسيقى شرقية

“بظن أنه مسألة الفورم والتشكيل الآلي مش بالضرورة هي ياللي بتلعب دور أساسي

بتقريب أو تفريق نوعين أساسيين من الموسيقى

إنما بالنسبة لأورنينا، هو نمط، عم نعتمد فيه الشكل الأوركسترالي

وبالتالي عم نختبر كتابة موسيقية للأعمال الموسقية الشرقية المقامية ضمن نسيج صوتي متعدد

مع الإحتفاظ دايما بالخاصية الجمالية والروحية للموسيقى الشرقية

وإضافة تلوينات صوتية من خلال هي الأصوات الإضافية”

نهار الحفلة، رحت إحضر “البروفة جنرال” 

يعني بلغة الموسيقيين: آخر بروفة قبل العرض

وعادة بتكون بنفس اليوم 

وبنفس الصالة. 

لهيك، كانت فرصة إلي لحتى زور 

صالة برلين الفيلهارمونية. 

إمشي على أرض المنصة الخشب 

وإتنقّل بين كراسي الفرقة 

وسيب النوطات، لحتى سجّل العازفين 

وهنّه عم يحمّوا آلاتهن

قبل “البروفة جنرال”

لاحظت إنه في مُكبّرات للصوت

هيك، ما راح نسمع صوت الآلات 

أو أصوات المغنين  بالشدة الطبيعية 

وإنما راح يكون مكبّر 

يعني، أعلى أو أشدّ. 

هاد بيرجع لطبيعة الآلات الشرقية 

متل العود، القانون أو الناي. 

هالآلات التراثية

ألوانها الصوتية ساحرة  

لكن طاقتها الصوتية ضعيفة

لذلك، بالقاعات الكبيرة بكون لازمها تكبير

بينما الآلات الغربية

مثل الكلارينت، الترومبيت والهورن 

اتطوّرت لحتى صار صوتها نسبيا أقوى وأشد

وكونه أورنينا، بتجتمع فيها الآلة الشرقية مع الغربية

كان لابد من التكبير، لموازنة الإختلاف بقوة الصوت

وأنا على كرسي الجمهور عم إسمع البروفة،

وإتأمّل الصالة، بشكلها المعماري الخاص

وصفايحها البيضا المعلّقة بالسقف

لتوجيه الصوت الطبيعي من الخشبة باتّجاه المستمعين

سألت حالي

طيب، ياترى إذا المكان، مصمم بالأساس 

لعكس الصوت بصورة طبيعية

ومو صناعية عن طريق الميكروفونات 

هل ياترى التكبير

بيأثر على هويته وعلى تجربة الإستماع فيه؟ 

أكيد

لقيت حدا، من بين أعضاء الفرقة فكّر بالموضوع

وعنده وجهة نظر

هو مغني بالكورال 

موسيقي وعم يدرس عمارة بألمانيا 

إسمه كنان ملحم    

يعني برلين متلها متل أي عاصمة تانية

بتحوي كتير أنماط موسيقية مختلفة

وكون صالة برلين هي كمان مرتبطة بتقديم صورة عن المدينة

أكيد الفراغ بيعاني، لأنه نحنا كأشخاص عم نتطوّر والعمارة عم تضلّ ثابتة

بعتقد هي تجربة بتعيشها الصالة، بحس الأبنية عبارة عن كائن حي.

متل لما نحنا أحيانا منتعرّض لبرد أو حرارة عالية، هاد الشي بكون غريب علينا

بس بالأخير منتأقلم مع الموضوع، هاد الشي بغيّرنا

ويمكن هاد الشي ياللي عم يغيّر وعم يعطي حلّة جديدة للصالة”

قبل موعد الحفلة فتحت برلين الفيلهارمونية أبوابها لتستقبل الجمهور

صارت الصالة مليانة

الحاضرين معظمهم من المهجر السوري 

حتى في منهم ناس جايه من بلدان أوروبية مجاورة، لحتى يسمعوا أورنينا.

وكان التفاعل مع المقطوعات 

والأغاني، قوي وحماسي

الناس مروقة، مطروبة ومبسوطة

عم تزقّف وتغني، 

مع الموسيقيين والمغنيين. 

آنا فون هامرشتاين

من ألمانيا

أكاديمية مختصة بعلم الموسيقى 

ومغنية ضمن الكورال المشارك بالحفلة

حكتلي شو شعورها لما بتستضيف برلين بصالتها الشهيرة 

فرقة من عازفين ومغنيين سوريين وألمان 

عم يقدموا موسيقى شرقية

“بصراحة، بالنسبة إلي بلاقي هالشي طبيعي كتير

هيك الواحد بينفتح وبيتعرّف على غير المألوف

وهيك بيحسن يتعلم أمور جديدة

وهاد الشي بيعبّر عن واقع الحياة ببرلين والناس ياللي فيها، كيف بتعيش وكيف بتفكّر

في فرق بين برلين الفيلهارمونية الصالة وبرلين الفيلهارمونية الفرقة

أو الأوركسترا ياللي بتقدم الموسيقى الكلاسيكية الغربية

أما الصالة، فمفتوحة على كتير عروض متنوعة

لذلك، بالنسبة إلي سعادة كبيرة إني شاركت بالعرض

كان الجمهور من أهل المدينة، ومعبّي الصالة، وبيلبقلها” 

لما كنت لسّاتني بالشام

كنت إحلم روح عبرلين 

إعزف حفلة أو إحضر حفلة

بصالتها الفيلهارمونية

ما اتخيّلت إنه راح يجي يوم

كون عايش فيه ببرلين

وبصالتها الفيلهارمونية

إحضر حفلة لفرقة أورنينا ترجعّني للشام

بين سلّم ومقام.. رحلة غير متوقعة

طالما بوسعنا أن نعزف موشّحاً شرقياً برفقة آلات غربية في صالة "فيلهارموني" في برلين، فما الفرق إذن بين الموسيقتين الشرقية والغربية؟
ــــــــ رُبع صوت
20 أبريل 2023
   

صورة الغلاف: خطــ٣٠ // باستخدام  Ai-Midjourney v4 // تنشر وفق الحقوق المفتوحة Copyleft