fbpx

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

موانع كثيرة تقف أمام أي لون أو خط يمكن أن تجعل حوائط القاهرة مختلفة.. وأن تقول شيئًا.
ــــــــ المـكـان
7 أبريل 2021

1

داخل إحدى الحارات الضيقة في منطقة وسط القاهرة، لافتة قديمة لورشة للدعاية والإعلان. هناك يجلس عم وحيد وحوله طبقات مختلفة من الألوان والكتابات والتصميمات على جدران الورشة.

الرجل الذي عمل بهذه المهنة منذ 45 عامًا يقول.. “تغيرت ملامح الدعاية كثيرًا في زمن الديجيتال، أصبحت شيء آخر لا يمت للفن بصلة، فقد تحولت الإعلانات إلى لوحات مصنوعة على الفوتوشوب، حتى اختفت المهنة شيئًا فشيئا.

يشير إلى التصميمات من حوله، ويخبرنا عن العديد الخطاطين والرسامين الذين تركوا المهنة لعدم الحاجة إليهم بعد الآن.

يحكي عم وحيد أنه قديمًا كان يقضي الكثير من الوقت معلقًا في الهواء برفقة أبيه، يرسمان الإعلانات الملونة على جدران المدينة. تلك الإعلانات التي ظلت محتفظة بتفاصيلها وألوانها حتى يومنا هذا.

يتحسر الرجل على حال المهنة، “لم تعد كتابة و رسم الإعلانات مهنة معقدة تحتاج إلى مجهود كبير في فهم طبيعة ما يتم كتابته والإعلان عنه.. بل أصبحت خطوطًا عشوائية على الجدران.. تشبه الكثير ما نعيشه الآن”.

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

2

في إحدى صالات العرض الفنية الصغيرة بوسط القاهرة يرسم أحمد فتحي لوحات جرافيتي للمشاركة بها في معارض فنية. الفنان الشاب الذي تعلم الجرافيتي أثناء الثورة يدرك تمامًا أن تلك الرسومات لم يعد في الإمكان رسمها على جدران القاهرة.

لم يرد أحمد التوقف عن ممارسة رسم الجرافيتي، فاختار طريقًا مختلفًا، بدأ مشروعًا تجاريًا تحت اسم “النقاش” يقوم من خلاله برسم الجرافيتي كديكور أو تزيين لحائط أو لجدار ما، بحيث يتحرك في عوالم أكثر أمانًا وأيضا أكثر ضيقًا.

يقول أحمد “بعدما اختفى الجرافيتي في الشوارع، بدأت أتعلم أشياء جديدة و أطور موهبتي في النحت، أمارس الرسم في الشوارع لكن في نطاق شديد الضيق مثل المقاهي أو المولات التجارية”.

على الحوائط المجاورة لمقهى زهرة البستان بوسط المدينة، رسم أحمد شخصيات ثقافية شهيرة، بجوار المكان المعروف تاريخيًا بكونه إحدى نقاط تجمع المثقفين والفنانين.

أم كلثوم، نجيب محفوظ، أحمد فؤاد نجم.. “هناك ربما تبدو مساحة آمنة وإن كانت ضيقة أيضًا” يعلق أحمد، ولكنه يتولى رسوماته هناك بالرعاية.. حيث أضاف لوجوههم كمامات بعد انتشار وباء كورونا.

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

هامش

خلال سنوات العقد الأول من الألفية بدأت تخرج إلى الحوائط رسومات جرافيتي على استحياء خاصة في القاهرة والإسكندرية، ومع انفجار الثورة في 2011 امتلأت جدران القاهرة والمدن الكبرى بالرسومات والكتابات التي تحمل الكثير من الرؤى السياسية والفنية.

لكن مع نهاية 2013، تقدمت وزارة التنمية المحلية بمشروع قانون ينص على تجريم الكتابة والرسم على جدران المباني الحكومية والخاصة بالحبس لمدة 4 سنوات وتغريمه مبلغ 100 آلاف جنيه، ومصادرة الأدوات المستخدمة في الرسم أو الكتابة.

ومن قبله ضم قانون منع التظاهر -من الصعب تقدير أعداد الذين ألقوا في السجون بسبب ذلك القانون- مادة تجرم أيضًا الكتابة والرسم على الجدران.

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

3

في عام 2018 قررت نهى عبد العزيز أستاذ الرسم في كلية التربية النوعية بجامعة القاهرة أن تكسر الحواجز المقيدة لمشاريع الطلبة وتحررها بالخروج للشارع تحت مظلة مبادرة حملت اسم “معاً لنرتقي“.

تتحدث الدكتورة نهى عن الدافع للمشروع.. “يضع الطلبة مبالغ كبيرة لانتاج مشاريع تخرجهم ثم نحتفظ بها في مخازن الكلية كخردة، حاولنا أن يراه الناس، حيث هدفت المبادرة إلى تنمية الوعي الفني، والثقافي للمجتمع الذي لا يزور المعارض الفنية.. فكرنا أننا نكسر الحواجز بين الجمهور و بين الفن الذي نعلمه للطلبة”.

لم تستطع الأستاذة الجامعية وطلابها الحصول على الموافقات الرسمية اللازمة أكثر من مرة واحدة.. بعدها توقفت المبادرة.

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

لا يوجد حائط أصم.. مازالت حوائط القاهرة تمتليء بإعلانات مركز الدروس الخصوصية، وعيادات الأطباء، وغيرها، لكن تقف الكثير من الموانع أمام أي لون يمكن أن يجعل الحائط مختلفًا.. وأن يقول شيئًا.

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم

ثلاث زوايا لمشاهدة حائط محرم