fbpx

دوري البحث عن بهجة

دوري الساحات الشعبية في غزة فرصة أخرى لممارسة الحياة؛ رغم الحصار، والظروف الصعبة، وشح المواد، والقصف المنتظر دومًا، لا يفوت الناس فرصة لصنع تفاصيل تشعرهم بالفرح
ــــــــ السعادةــــــــ المـكـان
12 أبريل 2023

تقريبًا كنت المرأة الوحيدة بينهم، البعض يعرفني من زيارات سابقة ويبتسم لي، والبعض ينظر لي باستهجان. لاعبون، مدربون، وجمهور، صيحات تشجيع واستنفار وكرة قدم تتحرك بين أقدام اللاعبين من اتجاه لآخر.

نحن الآن في ملعب “التضامن” بجوار مدارس العرب وسط “مخيم الشابورة” أحد أكبر مخيمات مدينة رفح جنوب قطاع غزة والذي يقطنه أكثر من أربعين ألف نسمة في مساحة لا تزيد عن خمسة عشر كيلو متر مربع، حيث يقدر عدد اللاجئين في قطاع غزة بـ 1,4 مليون نسمة تقريباً.

التقطُ الصور لإحدى مباريات دوري الحارات أو “دوري الساحات الشعبية” كما يسميه أهالي المخيم، والذي ينعقد في رمضان منذ أكثر من ثلاثين عامًا، ولم تتوقف مبارياته لهذا العام رغم القصف الذي وقع قبل يومين واستمر لليلة كاملة.

يشارك في الدوري هذا العام 32 فرقة من أصل 80 فرقة على مستوى محافظة رفح، وتجري المباريات والتصفيات على مدار شهر رمضان. 

لا يوجد زي موحد بالشكل الذي نعهده في المباريات المنقولة عبر شاشات التلفزيون، ثمة اتفاق على لون معين ويحاول أعضاء كل فريق الالتزام به حسب استطاعته، أيضًا فيما يتعلق بالأحذية أرضية الملعب رملية، بعض اللاعبين يجرون حفاة، لا يهم فالأكثر أهمية هو اللعب وليس الزي والحذاء.

أجواء المباراة الحماسية تدفعني لالتقاط المشهد من أعلى، أبحث عن نفس المبنى التي التقطت منه صورًا العام الماضي، أستأذن أصحابه في الصعود للطابق الخامس، مع كل درجة يعلو صوت الهتافات أكثر فأكثر، أعتلي السطح فأجد نساء وأطفال المنزل هناك إنهم أكثر حظا كونهم يمتلكون أكثر الأماكن ارتفاعًا في المنطقة يستطيعون أن يشاهدوا كل المباريات ويلتقطون الصور عبر هواتفهم؛ دون الحاجة لحجز مقاعد بين الجماهير المصطفة حول الملعب ، المشهد من هنا مختلف وحتى الأصوات تبدو أكثر قوة.

 الصورة هنا مكتملة الأركان؛ مخيم يحتضن ملعب ترابي وسط الشارع يضم لاعبين ومشجعين من كافة المحافظة. مع اقتراب غروب الشمس واستشعار اقتراب أذان المغرب، تقترب لحظة انطلاق صافرة النهاية.

دوري الساحات الشعبية في غزة فرصة أخرى لممارسة الحياة؛ رغم الحصار، والظروف الصعبة، وشح المواد، والقصف المنتظر دومًا، لا يفوت الناس فرصة لصنع تفاصيل تشعرهم بالفرح؛ يزينون الشوارع احتفالًا بشهر رمضان، يقيمون إفطارات جماعية، ويصيحون احتفالًا بتسجيل هدف في مباراة كرة قدم على أرض رملية.