خطــ٣٠ // تنشر وفق الحقوق المفتوحة Copyleft

مزارعات مصريّات تحت شمسين

المحاصيل تغزوها الحشرات والتلف، أمّا المزارعات المصريات ممن التقيناهن، فالعوارض متشابهة لديهنّ أيضًا؛ يصبن بارتفاع في ضغط الدم، وأزمات تنفسية، وإجهاض..
ــــــــ العملــــــــ حالة أرض
16 سبتمبر 2025

في قرية سندبيس التابعة لمركز القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية (تبعد عن العاصمة المصرية حوالي 30 كيلومتر) التي تعدّ إحدى القرى الزراعيّة، التقيت بعددٍ من النساء المزارعات؛ نشوى (35 عامًا)، وأم هالة (45 عامًا) وأم شريف (39 عامًا) وأم حنان (32 عامًا)، جميعهنّ فضّلن عدم ذكر أسمائهن الحقيقيّة حفاظًا على خصوصيّتهنّ. لا تتجاوز أعمارهنّ الـ 45 عامًا، لكن آثار الإجهاد تبدو واضحة عليهن؛ وجوههن سمراء بسبب دواماتهن اليوميّة تحت أشعة الشمس، خصوصًا أنّهن لا يملكن رفاهية العناية بالبشرة والجسد بسبب العمل وضيق ذات اليد. أيديهن وأصابعهنّ مليئة بالتشققات وآثار الجروح القديمة من الأشواك أو من استخدام المنجل أو غيره من أدوات الزراعة.

في القرية عدد من المصانع الغذائية التي تعتمد على موارد القرية الزراعية في التصنيع، بعضها تابع للقطاع الخاص وبعضها الآخر تابع للقطاع العام. ليس هناك وفرة في فرص العمل، لدى السكان خيارات معدودة للعمل إما في المصانع، أو في الزراعة التي تستقطب العدد الأكبر منهم، وتحديدًا النساء اللواتي لا يعثرن على وقت فراغ على حد قولهن. فمع ساعات الفجر الأولى، تجهز كل واحدة منهنّ طعامها وترتدي ثيابها الفضفاضة المكوّنة من جلباب تحته بنطال أثناء عملهنّ في الحقل، وغطاء للرأس طويل، فيما تكتفي بعضهن بمواجهة حرارة الشمس بقبّعة فحسب.

نهار واحد لدوامين في الحقل

تستيقظ المزارعات قبل شروق الشمس، استعدادًا ليوم عمل شاق وطويل، يبدأ بالسير لكيلومتراتٍ عدّة، حتى تصلن إلى نقطة يلتقين فيها جميعًا، ويستقللن وسيلة مواصلات متاحة تنقلهن في رحلة يومية إلى الحقل في قرية مجاورة أو في الصحراء. تجتهد الواحدة منهنّ لكي تصل قبل بزوغ الشمس، لكي تتمكّن من العمل قبل الحرارة الشديدة التي تصيبها بالإعياء، ثم تنتهي من عملها في تمام الساعة العاشرة صباحًا. في هذه الساعة تنتهي فترة المناوبة الأولى في الحقل التي يسمّيها العمال «الضحويّة»، فتحمل كلّ منهن مبلغًا لا يزيد عن 200 جنيه، ولا تحتفظ به كلّه لنفسها، بل تعطي جزءًا منه للمقاول، وتدفع منه بدل المواصلات. تسرع كل واحدة منهن في العودة إلى المنزل لكي تعد الطعام لأطفالها وزوجها، ثم تستعد مرة أخرى للعمل في حقل جديد، ولكن هذه المرة تبدأ عملها عند الثالثة بعد الظهر، تحت درجات حرارة مرتفعة حتى غروب الشمسن وهذا الدوام يسمّى بـ «العصريّة». ثم تعود في نفس الرحلة إلى منزلها ومعها مبلغ يتراوح بين 150 حتى 250 جنيه.

يكاد جدول العمل أن يكون موحّدًا لكافّة الفلاحات خلال مواسم الزراعة والحصاد، وتنتظره السيدات من العام للعام لجني بضع مئات من الجنيهات. فضلًا عن هذه الدوامات الطويلة في الحقول، لكلّ واحدة منهنّ عمل إضافي. نعمة هي عاملة زراعية تملك دراجة بخارية ذات صندوق معدني لنقل الخضروات، يُتعارف على تسميتها “تروسكيل”، لديها قطعة أرض وتعمل فيها لبعض الأيام وفي الأيام الأخرى تعمل في أراضي الغير كما أنها تنقل العمالة الزراعية من السيدات.

السيّدات الأربع أوضاعهن متشابهة؛ لم تحظَين بقدرٍ من التعليم، وتعملن في مهن زراعية منذ أن كنّ في العاشرة من أعمارهنّ. ومواسم الحصاد والزراعة تعدّ من أهم مواسم العمل لديهن، أغلبها في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة، ويتم حصاد الخضروات الصيفية خلاله؛ اليقطين والباذنجان والفلفل الأخضر والملفوف (الکرنب) والبطاطس والثوم والبصل والذرة والجزر وخضار الكرفس والفاصوليا والطماطم (البندورة) والخيار، والذرة والقطن.

مع ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الماضية، بسبب التغيّر المناخي، بدأت تظهر هذه الآثار على الأراضي الزراعيّة وعلى العاملين فيها أيضًا.

الزراعة بأيدي النساء

يمثّل قطاع الزراعة في مصر ركنًا أساسيًّا من أركان اقتصاد الدولة، كون الزراعة تسهم بنسبة 11.6% من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، وبنسبة 25% تقريبًا من إجمالي العمالة بها. ورغم أنّ النساء يمثِّلن جزءًا كبيرًا من الأيدي العاملة الزراعية، إلا أنهن يواجهن العديد من العقبات التي تُعِيق أدائهن ودخلهن، من بينها قلّة فرص الحصول على خدمات الإرشاد الزراعي المخصّصة تحديدًا لتلبية احتياجاتهن. هذا ما رصدته دراسة صادرة في نوفمبر 2023 لـ “مركز حلول للسياسات البديلة” التابعة لـ “الجامعة الأميركية في القاهرة” بعنوان «تحسين أوضاع النساء في قطاع الزراعة بمصر.. دور تدخلات السياسات». تذكر الدراسة أن قطاع الزراعة في مصر يوظّف حوالي 45% من النساء من مجمل القوى العاملة، غير أنّ هذه الوظائف لا تعدّ رسميّة بمعظمها إذ يعتمد ما يصل إلى 94% من العمال الزراعيين على العمالة غير الرسمية.

 ورصدت الدراسة أنّ المرأة موجودة في مختلف قطاعات الزراعة الفرعية، مثل المحاصيل والثروة الحيوانية والثروة السمكية، كما أنّها تُشارك بشكل كبير في الأنشطة كثيفة العمالة، مثل الحصاد، ومكافحة الآفات يدويًا، وإزالة الأعشاب الضارة. ورغم أنهن يعملن في قطاعي الزراعة الرسمي وغير الرسمي، إلا أنهنّ يتركّزن في القطاع غير الرسمي، فمن بين 28% من الأيدي العاملة في القطاع الزراعي الرسمي، ثمة 20% فقط منهم من النساء. وبشكل عام، يعد قطاع الزراعة مسؤولًا عن 32.4% من العمالة غير الرسمية للنساء، ما يجعل المزارعات عرضة للصدمات الاقتصادية وللظروف المتقلبة بسبب غياب العقود التي تحمي حقوقهنّ.

تقوم النساء بحوالي 94% من نسبة الحصاد في صعيد مصر وحوالي 67% في الوجه البحري، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف أنواع المحاصيل وطرق حصدها في كل منطقة، ففي صعيد مصر تتطلب المحاصيل الشائعة مثل القمح وقصب السكر والشعير، حصادًا يدويًا، بعملية معقدة تشمل الحصد والدرس.

في المقابل، في وجه بحري، تعتبر الممارسات الزراعية أكثر تنوعًا، فمحاصيل مثل الأرز والخضروات والفاكهة، سائدة في جميع أنحاء الدلتا، إضافة إلى قرب مناطق الزراعة في وجه بحري من المراكز الحضرية، الأمر الذي يُسهّل عمليات الحصاد بطرق آلية وأكثر تطورًا، وبطبيعة الحال أكثر سهولة. 

إعياء يصل حدّ الإغماء

كثيرًا ما تتعرض أم شريف وأم هالة إلي الإعياء الشديد الذي يصل إلى حد الإغماء أحيانًا أثناء فترة عملهما داخل الأرض بسبب ارتفاع درجة الحرارة، وعند استشارة طبيب ينصحهما بتجنب العمل خلال فترات النهار ذات الحرارة المرتفعة لأنها تسبب لهما انخفاضًا في ضغط الدم وإجهادًا حراريًّا.. تخبرنا أم هالة “أنا بدوخ وبقع كتير ويكلموا أختي أو ابني يجي ياخدني وبروح للدكتور بيقولي الضغط واطي والحرارة بتأثر عليك”.

لم تتوفر للنساء الأربع وأسرهم أي تغطية تأمينية تؤمّن لهن العلاج أو معاشات التقاعد، بالتالي عملهنّ أصبح ضرورة لتأمين احتياجاتهن اليومية والصحية على السواء، لأن الملجأ لهنّ على حد قولهن هو المستشفى الحكومي الأقرب، والذي يحصلن فيه على الكشف بأجرٍ رمزيّ لا يتجاوز العشر جنيهات، ولكن تضطررن إلى شراء الدواء بسعره الرسمي من الصيدلية بمبالغ قد تصل إلي آلاف الجنيهات.

ربمّا أم حنان هي الأوفر حظًّا بين أقرانها، كونها تحصل على مبلغٍ لا تجاوز 900 جنيه لأسرتها من برنامج الدعم النقدي (تكافل وكرامة) الذي تخصصه وزارة التضامن الاجتماعي كمساعدة شهرية للمرأة المعيلة وللأسر الفقيرة التي تفتقر لأيّ تغطية تأمينية أو مصدر دخل ثابت، فزوجها مريض ولديها إثبات أنّها لا تعمل لدى أي جهه حكومية وبالتالي تمكنت من الحصول على هذا المعاش الذي لا يكفي للاحتياجات الأساسية اليومية.

“الشغل في الغيط بيكبرك قبل الأوان” هذا ما قالته أم حنان عن عملها في الحقول كعاملة زراعية أو بيع الخضروات. فقد عملت منذ أن كان عمرها 12 عامًا ثم تزوجت واستمرت في عملها كعاملة زراعية في فترات الحصاد، ولكن منذ عشر سنوات أصيب زوجها بمرض أقعده عن العمل وأصبحت معيلة لأسرتها. اليوم، تعاني المرأة من أمراضٍ عدّة مثل ارتفاع الضغط، ومن بعض الحساسيات الجلدية بسبب العمل تحت درجات الحرارة المرتفعة، دون أي وسيلة حماية سوى القبّعة.

«لم تتوفر للنساء الأربع وأسرهم أي تغطية تأمينية تؤمّن لهن العلاج أو معاشات التقاعد، والملجأ الوحيد لهنّ هو المستشفى الحكومي الأقرب، والذي يحصلن فيه على الكشف بأجرٍ رمزيّ لا يتجاوز العشر جنيهات، لكنهن تضطررن إلى شراء الدواء بسعره الرسمي من الصيدلية بمبالغ قد تصل إلي آلاف الجنيهات».

 

أمّا أم هالة فتعمل منذ أن كان عمرها عشر سنوات، هي أمّ لثلاثة أطفال أكبرهم طالب في الثانوية العامة وأصغرهم لم تتجاوز الأعوام العشرة. ترفض أن يعمل أبناءها، فتعمل هي ليل نهار لتوفير حياة كريمة لهم، وترعى زوجها المريض. وبما أنّهما لا يملكان أيّ أرض زراعية، فإنها تعمل في أراضي غيرها.

بدأت عملها في الحقول كعاملة زراعية، ثم أصبحت «مقاولة» تتولى مسؤولية توفير العمالة الزراعية لأصحاب الحقول، لديها فريق مكون من 10 فتيات وسيدات من القرية، تجمعهن للعمل في فترات الحصاد، وتعمل معهن وتحصل على نسبة من كل عاملة مقابل توفير مكان للعمل، ومن صاحب الأرض على توفير العمالة.

في عمر 18 عام كانت أم هالة تحصل على بدل يوميّ قدره 2 جنيه ولكن حاليًا في عام 2025 تحصل على يومية قدرها 150 جنيه لقاء العمل في الحقول ولا تكفي تكاليف الطعام والشراب على حد قولها.

تعبّر المرأة عن تعبها مرارًا من العمل الزراعي. فقد تسببت لها سنواتها الطويلة في الحقول الزراعية في إصابات كثيرة بعمودها الفقري، وأدت إلى إصابتها بالانزلاق الغضروفي في الفقرات القطنية، واضطرّت إلي إجراء عملية جراحية في العمود الفقري بموجب قرار علاج علي نفقة الدولة، وما زالت آثارها واضحة علي جسدها على حد قولها، ورغم ذلك تضطر للعمل بسبب موجة الغلاء والأزمات الاقتصادية التي تسببت في رفع الأسعار.

قطعتين من الجبن والخبز

بالتزامن مع التغيرات المناخية المتمثّلة في موجات الصقيع وموجات الحر الشديدة خلال العقد الأخير، لاحظت أم هالة أنّ إنتاج الأراضي الزراعية انخفض ممّا تسبّب بأضرارٍ بالغة في المحاصيل التي بات يهلك جزء كبير منها. كلّ هذا ينعكس على العمالة الزراعية وعلى أصحاب الأراضي على السواء، كما تخبرنا «الأرض زمان كانت بتجيب لكن مع تغير الجو الأرض مبقتش بتجيب لأنّ الجو الحر بيحرق الزرع وده بيقطع برزقي ورزق اللي معايا وصاحب الأرض».

توافق أم شريف على الآثار الهائلة التي تركتها التغيّرات المناخيّة على تكلفة الزراعة، وتشير بشكلٍ خاص إلى التأثيرات التي تتكبّدها النساء خصوصًا. فبعض أصحاب الأراضي باتوا يوفّرون معدّات كهربائيّة تسمح لهم بالاستغناء عن اليد العاملة من الرجال، وهذا ما ضاعف العبء على النساء خصوصًا أنّ هناك محاصيل تكون النساء هن الأجدر لحصادها، إذ لا توجد آلات زراعية لحصاد هذه الأصناف، مثل محاصيل الباذنجان والبامية على حد قولها.

التغيرات المناخية أثّرت علي عدد من المحاصيل مثل الطماطم والتفاح والمشمش والخوخ والذرة، فظهرت ديدان فيها بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، ما ساهم في فقدان أجزاء كبيرة من المحصول، بالتالي أثّر هذا على دخل السيدات الأربع في كل مراحل الزراعة وصولًا إلى التجارة. فبعض النساء يعتمد على تجارة الخضروات مثل نشوى التي تعين زوجها في بيع الخضروات في السوق إلى جانب عملها كعاملة زراعية في حقول الغير الذين تحصل منهم على جزء من الخضروات. تنقلها بعدها من المزارع على عربية كارو (عربة تجرها الحمير) إلى السوق، وفي كثير من الأحيان تضطرّ إلى نقلها من مكان إلى آخر في أجواءٍ ماطرة أو في الظلام وقد يتعثّر الحمار ويسقط في الطريق، خصوصًا في الطرق الطينية. ولكنها اعتادت على التعامل مع هذه الظروف حتى تستطيع الحصول على المال لأسرتها. تعمل نشوى يوميًّا من الصباح إلى المساء، تحمل قطعة من الجبن وأخرى من الخبز معها، وتشعر بالدوخة والهذيان في نهاية اليوم الذي تحاول المال فيه قدر الإمكان لكي تؤمّن طعامًا جيّدًا لأبنائها.

 تضاف آثار التغيّر المناخي إلى الظروف الاقتصادية الصعبة في مصر حاليًّا، والتي لا تترك مجالًا للراحة أمام النساء. وفقًا لبيانات تقرير السياسات النقدية الصادر عن «البنك المركزي المصري» المنشورة على موقعه الإلكتروني، فإنّ معدل التضخّم  للربع الأول من عام 2025، سجل متوسطًا قدره 15-16%، وتشهد الأسواق المصرية موجة من ارتفاع الأسعار نظرًا لتغير أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري، بالتزامن مع ارتفاع أسعار المحروقات نظرًا لتقليص الحكومة المصرية دعم الوقود بنسبة 50% في الموازنة العامة للعام المالي 2025/2026، إذ خصصت 75 مليار جنيه (1.48 مليار دولار أميركي) فقط لدعم المشتقات النفطية، مقارنة بـ154 مليار جنيه (3.05 مليار دولار) في الموازنة السابقة.

حقوق مهدورة

أصدرت مؤسسة «المرأة الجديدة» دراسة بعنوان «أرواح في الهامش… ظروف عمل غير لائقة للعاملات في الزراعة» (2025)، سلّطت من خلالها الضوء على غياب قطاع الزراعة، وخاصة النساء العاملات فيه، عن الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية. يمثل العاملون في قطاع الزراعة، وفقًا لبيانات «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» ما يقارب 20% من مجمل العاملين في مصر، وتشكّل النساء حوالي 42% منهم، ويتحمّلن العبء الأكبر من المشكلات الصحية والمهنية به. فوفقًا للدراسة، تعمل أغلب النساء من دون عقود، وبلا تأمين اجتماعي أو صحي، في ظلّ تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

 مع ارتفاع درجات الحرارة التي تجاوزت في بعض أشهر الصيف الـ 45 درجة مئوية في صعيد مصر، تعمل آلاف النساء لساعات طويلة دون توفّر الحد الأدنى من شروط الحماية الصحية أو التهوية أو أماكن الراحة، وفقًا لما رصده التقرير. وتشير تقارير «الجهاز المركزي» إلى أنّ ما يزيد عن %46 من العمالة في الريف المصري غير منتظمة، ومعظمها خارج نطاق التغطية التأمينية والصحية الرسمية، ما يجعل من آثار الإجهاد الحراري عاملًا إضافيًا لإضعاف الأمن الصحي والمعيشي لعاملات الزراعة.

كما أنّ ارتفاع معدّلات الإصابة بفقر الدم يُضعف من قدرة الجسم على مقاومة الإجهاد الحراري. ووفقًا للمسح الصحي للأسرة المصرية لعام 2021، والذي أطلقه «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» في آب (أغسطس) لعام 2022 فإن نسبة الإصابة بفقر الدم  تبلغ %43، وتشمل هذه النسبة كلًا من الرجال والنساء، لكنّ النساء الحوامل والأطفال دون 59 شهًرا يشكّلون %65 من المصابين، مما يشير إلى أن هذه الفئات هي الأكثر تأثرًا بالمرض.

ورغم إعلان وزارة العمل عن إعداد الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية عام 2024، إلّا أنّها أغفلت الإشارة إلى النساء بشكل خاص ولا سيما العاملات الزراعيات، كفئة ذات خصوصية لناحية تأثرها بالمخاطر المناخية. إذ لا يوجد في المسودة المعروضة خلال ورش العمل الأخيرة، والتي اطلعت المؤسسة عليها، أي سياسات خاصة بحماية العاملات الزراعيات من المخاطر التي تضاعفت بسبب التغيرات المناخية.

تخبرنا مي صالح الباحثة في مؤسسة «المرأة الجديدة» أنّ المؤسسة رصدت عددًا من التحديات التي تواجهها عاملات الزراعة، بدءًا من وسائل الانتقال غير الآمنة وصولًا إلى ظروف العمل غير الآمنة، والتي قد تضمّن تعرّضهن للتعنيف من قبل أرباب عملهنّ.

 

«أغفلت الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية التي أعدّتها وزارة العمل لعام 2024، الإشارة إلى العاملات الزراعيات، كفئة ذات خصوصية لناحية تأثرها بالمخاطر المناخية، فالمسودّة تفتقر إلى أي سياسة خاصة بحماية العاملات الزراعيات من المخاطر التي تضاعفت بسبب التغيرات المناخية».

 

ومن أبرز الحوادث التي شهدتها الطرقات وراح ضحيتها 19 من العاملات الزراعيات هي حادث الطريق «الدائري الإقليمي» الذي وقع 28 حزيران (يونيو) 2025، فيما أصيبت 3 منهنّ من قرية كفر السنابسة بمحافظة المنوفية، وكنّ في طريقهنّ إلى إحدى مزارع العنب للعمل فيها. علمًا أنّها لم تكن الحادثة الوحيدة، فقد رصد المرصد التابع لمؤسسة المرأة الجديدة حوالي 25 حادثة طريق تعرضت لها فتيات، نتج عنهل 305 مصابة، منهنّ 81 قاصر و44 حالة وفاة.

من خلال عملها كمهندسة زراعية في السابق، رصدت الباحثة في برنامج النساء والعمل والحقوق الاقتصادية بـ «مؤسسة المرأة الجديدة» أميمة عماد، أنّ بعض العاملات الزراعيات يحصلن على أجر أقل من أجر الذكور حتى لو تولّين المهمّات نفسها، كما تخبرنا أنّ النساء يفتقرن إلى أبسط حقوقهنّ خلال العمل، منها دورات مياه مخصصة للنساء في الحقول وفي المزارع التي لا تتوفّر فيها المياه النظيفة فتضطر العاملة إلى جلب المياه والطعام معها.

تؤكّد عماد أن بعض المزارعين لا يطبقون سياسات الاستخدام الآمن للمبيدات، فبعضهم يحصد المحصول خلال الفترات التي يُفترض أن تكون فترات أمان، والتي قد تختلف من مبيدٍ إلى آخر. وتُعدّ فترة الأمان أو PHI هي الحد الأدنى من الوقت الذي يجب أن يفصل بين توقيت رشّ المبيدات الزراعيّة وبين توقيت حصاد المحصول، ولا يجوز خلالها العمل في الحقل، وأقلّ فترة أمان للمبيد هي 24 ساعة. لهذا السبب، تشير أميمة إلى أنّ عددًا من السيدات يتعرّضن للمبيدات نتيجة الحصاد خلال فترة الأمان وقد يكون ذلك أحد أسباب الأمراض المزمنة لعاملات الزراعة، ومن ضمنها أيضًا زيادة معدلات الإجهاض.

كلّ هذه الظروف تضاف إلى غياب عقود عمل تضمن حقوق العاملات، فضلًا عن غياب أيّ ضمانات اجتماعية وصحية لهنّ، ولا حتى إجازات منظّمة، هذا ما يدفع الكثيرات منهن إلى اصطحاب أطفالهنّ إلى الحقول تحت هذه الظروف الشاقّة، نظرًا لعدم وجود دار حضانة متاحة لهن.

الآفات تأتي في غير أوانها

أصبح المزارع المصري في مواجهة مباشرة مع ظواهر مناخية لم يعرفها من قبل، فالحرّ بات يطرق أبواب الحقول باكرًا والصقيع يحل ضيفًا قاسيًا على البساتين. ما نواجهه اليوم لم يعد مجرّد «تحذيرات علميّة مستقبليّة»، وفق مستشار وزير الزراعة الدكتور محمد فهيم، والذي يشغل أيضًا منصب رئيس مركز معلومات تغير المناخ في «مركز البحوث الزراعية»، مشيرًا إلى أنّ الأمر تحوّل إلى واقع ميداني يومي تعيشه الأراضي الزراعية والمزارعين، وسط تحديات تتزايد قسوتها موسمًا بعد آخر.

ففي السنوات الأخيرة، شهدت البلاد ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة، مصحوبًا بامتداد فترات القيظ لأشهر أطول من السابق. مقابل هذا الارتفاع في درجات الحرارة، باتت موجات الصقيع الشتوية تداهم الحقول ليلًا، وتخلّف أثرها على الأزهار والثمار، ونتيجة ذلك تراجع إنتاج المانغو، والزيتون في بعض المناطق، وأصيبت محاصيل أخرى خلال بعض المواسم.
  في السابق «كنّا نعرف متى تأتي الآفات، ومتى نجهز لها، لكن هذا لم يعد ممكنًا كما كان»، يخبرنا فهيم، موضحًا أنّ التغير المناخي أدى إلى اضطراب في الدورة الحياتية للآفات الزراعية، فباتت تظهر في مواسم غير تقليدية، وتتكاثر بسرعة أكبر، مثل دودة الحشد الخريفية والذبابة البيضاء. لهذا بدأ المزارعون باللجوء إلى استخدام المبيدات بكثرة خوفًا من خسارة المحاصيل، «مما يؤدي بدوره إلى مخاطر صحية وبيئية طويلة المدى». وأوضح  الدكتور محمد فهيم إلى أن هناك معاناة كبيرة للعاملات الريفيات في مهن الزراعة الميدانية بسبب تغيرات المناخ فقال “تخيل سيدة تعمل في جني الطماطم تحت شمس تتجاوز 43 درجة مئوية، أو أخرى تحصد القمح في يوم يعاني من رطوبة خانقة وموجة حارة.. هؤلاء هن الجنود المجهولات في معركة الغذاء” على حد وصفه.
 وأكد أن بعض مناطق الدلتا في مصر تواجه تحديات مناخية جديدة، فإن ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة النسبية أسهما في تراجع جودة بعض المحاصيل التصديرية مثل العنب. أما في الصعيد، التحدي الأكبر هو زيادة البخر والتبخير وضغوط كبيرة على المياه ، مع تزايد الضغط الحراري الذي يضعف قدرة النبات على النمو والإثمار.

مبيدات تقضي على الأجنّة

تعمل شيماء في مختبرٍ للتحاليل الطبية، ولاحظت في عام 2018 أن الكثير من سيدات القرية، أغلبهن ممن يعملن في الزراعة جئن لإجراء تحاليل طبية بسبب إجهاضهنّ المتكرّر. 

ورغم غياب الأبحاث العلمية أو التحاليل أو الشكاوي التي تربط بين استخدام مبيدات حشرات معيّنة وبين حالات الإجهاض المتكرّرة لدى النساء، فإن بعض الدراسات أكّدت على تأثير مبيدات الحشرات بشكل عام على أجساد النساء.

في دراستها «علاقة المبيدات الحشرية بالبيئة والإنسان» (صادرة عن المجلة العلمية لجامعة أسيوط)، تتناول الدكتورة نيفين عبد الغني محمد إبراھيم، وهي باحثة في معهد بحوث صحة الحيوان في أسيوط، العلاقة بين التعرّض للمبيدات الحشرية وفقدان الأجنة، وباضطراب الدورة الشهرية مثل زيادة مدة الدورة وتوقّفها ونزيف منتصف الدورة. كانت النتيجة أن المبيدات الحشرية تُعرّض المرأة في سـن الإخصاب إلى اضطراب الدورة الشهرية نتيجة اضطراب الهورمونات وذلك يؤثّر على الخصوبة والحمل مقارنة بالنساء اللواتي لم تتعرضن للمبيدات الحشرية.

تترك هذه الملوّثات تأثيرها على الرجال أيضًا فيقلّ لديهم عـدد الحيوانات المنوية السليمة مما يؤدّي إلى العقم فى أغلب الأحيان. ومن الأمراض الأخرى التي تسبّبها المبيدات مرض فقـر الدم والفشل الكلوى وتليـف الكبد وسـرطان الرئة والتغيرات في النظر. علمًا أنّ الأعـراض تكون فى البداية بسيطة، وحين تتطوّر ووتراكم وهذه المواد بكميّة كبيرة، تؤدّي إلى تسمّم.

تصل تأثيرات المبيدات الحشريّة إلى إصابة المزارعين بمرض الشلل الرعاش، كما كشفت دراسة أجراها فريق من جامعة المنصورة بالتعاون مع جامعة ميونيخ في ألمانيا، أواخر العام الماضي. وكشفت عن وجود جين يزيد من فرص الإصابة بالمرض لدى الأشخاص الذين يتعرضون للمبيدات الحشرية، وفق التقرير الملخص للدراسة.

أكد لنا الدكتور محمد سلامة، مدير مركز البحوث الطبية التجريبية في جامعة المنصورة، وأحد أعضاء الفريق الذي أعد هذه الدراسة أنّ هناك علاقة وثيقة بين التعرض للمبيدات والإصابة بالأمراض التي لها علاقة بالخصوبة أو الحمل والحساسيات، كما أشار إلى أن هناك مبيدات آمنة ثبت أنها غير مؤثرة على الإنسان ومبيدات غير آمنة، ومبيدات لا يزال العمل جارٍ على دراستها، ولمعرفة طبيعة آثار المبيدات، أكّد سلامة أنّه لا يمكن تعميم تأثيراتها، فالأمر يحتاج إلى دراسة متخصصة وإلى معرفة نوع المبيد لإثبات أثره.

ومن أهم التأثيرات غير المباشرة للتغيّرات المناخية، هي ظهور أنواع جديدة من الآفات والحشرات التي تحتاج إلي مبيدات لمكافحتها، ومع عدم وجود أعداد كافية من المرشدين الزراعين معينين من قبل وزارة الزراعة بالجمعيات الزراعية أصبح الفلاح يرش المبيدات بدون رقابة أو بدون تجب فترات الأمان بين الرش والحصاد، وكثير من هذه المبيدات تسبّب حساسيات في الصدر لدى العمال الزراعيين سواء من الرجال أو النساء، حسب ما أكّدت السيدات في حديثهنّ معنا.

التجهيل.. عدوّ آخر

تعمل رئيسة مجلس إدارة «جمعية الميدان للتنمية وحقوق الانسان» في القليوبية نجلاء حمزة مع النساء خصوصًا العاملات في الزراعة. وقد رصدت خلال جلسات استماع أجرتها الجمعية مع السيدات العاملات في المجال الزراعي (سواء في حقولهن أو في حقول الغير) أنّهن يواجهن عددًا من التحديات بسبب التغيرات المناخية التي تزامنت مع الأزمة الاقتصادية، بجانب نقص الوعي لعدم وجود إرشاد زراعي أو تمكنهم من الوصول إلى المعلومات السليمة من خلال الجمعية الزراعية. وبما أنّ العمل الزراعي هو عمل موسمي، يعتمد على موسمي الحصاد وبدء الزراعة، لا يوجد تسجيل لهذه العمالة من قبل وزارة العمل أو من قبل التضامن الاجتماعي.

من ناحية أخرى، توضح نجلاء أنّ الكثير من الجمعيات الزراعية لا تؤدّي دورها، ومعظمها بات فارغًا من المهندسين الزراعيين والكوادر المدربة. ومن أبرز المشكلات التي رصدتها الجمعية هي عدم وجود صندوق تابع للدولة لتعويض الفلاح على خسائره بسبب التغيرات المناخية، فهذه الخسائر أدّت إلى هجر الكثير من المزارعين لأراضيهم وبالتالي خسارة عملهم. يقع عبء ثقيل على عاتق السيدات لأنهنّ يعملن في ظروف مناخية شديدة، فوصفهم بأنهم “الأقل حظًّا” وليس لديهنّ الوعي المطلوب لمواجهة التغيّرات المناخية، ليس مبالغة على الإطلاق كما تخبرنا نجلاء «كانت السيدات تعملن في درجات حرارة تتجاوز 25 درجة ولكن حاليًا تعملن في نفس التوقيت مع درجة حرارة تزيد على 40 درجة مئوية”. وذلك أدى إلى إصابة السيدات بأشكال مختلفة من الحساسية، بجانب تأثر المبيدات السلبي عليهن، وفي بالنسبة للمرأة الحامل، فهي عرضة للإجهاد بسبب التعرض للمبيدات أو ضغوط العمل.

كشفت دراسة بعنوان «المساواة بين الجنسين في قطاع الزراعة في المنطقة العربية» (2021) الصادرة عن «منظمة المرأة العربية»، وأعدّتها الأستاذة في قسم المرأة الريفية في «معهد الإرشاد» (مركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة المصرية) مرفت صدقي عبد الوهاب عن صعوبة وصول المعلومة الزراعية إلى النسـاء العاملات بالزراعة؛ ورصدت الدراسة أيضًا انتشار أمراض سوء التغذية بين النساء في الريف حيث العمل الزراعي وقلة الدخول، وصعوبة امتلاكهنّ للأراضي، ففي مصر تمتلـك النسـاء 5% من الأراضي مقابل 95% يمتلكها الرجال.

وضمن الدراسة، ذكر تقرير «تحسين حالة المرأة في المناطق الريفية»، أنّ النسـاء يملن إلى الحدّ من تأثير الأزمة باسـتخدام استراتيجيات التأقلم الشديد، وذلك من خلال تقليل اسـتهالكهن، والحدّ من تنوّع الوجبات الغذائية، مع ارتفاع مخاطـر ذلك على صحتهن خصوصًا بالنسـبة للأمهات الحوامل والمرضعات بسـبب نقص المغذيات الدقيقة، والذي يمكن أن يؤثّر على حالـة أطفالهن. ويشير تقرير «المسـاواة بين الجنسين في خطة التنمية المسـتدامة لعام 2030» إلى أنّ النسـبة المئويـة من الإناث اللواتي يعانين من نقص التغذية في مصـر لعام 2015-2014 سـجلت (%26.1) للنسـاء، مقابل (%21.24) للرجال.

من يحمي المزارع؟

تشير بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري» إلى أنّ عدد العمالة الزراعية في مصر هو 6486.26 عامل وعاملة زراعية وفقًا لتعداد السكان عام 2017. ومع ذلك لا توجد قاعدة بيانات للعمالة الزراعية، إذ يرى النقيب العام للفلاحين وصغار المزارعين عبد الفتاح عبد العزيز أنه يوجد أضعاف من هذا العدد غير مسجلة، والجميع ليس لديهم ضمان اجتماعي وصحي.

في لقائنا معه، يخبرنا عبد العزيز عن أضرار كبيرة ظهرت على الأراضي الزراعية خلال السنوات الخمس الأخيرة من تبعات التغيرات المناخية، خصوصًا أنّ جميع المحاصيل تضرّرت بسبب موجات الحر والصقيع الشديدة مما أدى إلى نقص في الإنتاج، وكلّما نقص الإنتاج قلّت الحاجة إلى اليد العاملة الزراعية.

رصدت النقابة العامة للفلاحين وصغار المزارعين آثار التغيرات المناخية على عاملات الزراعة فبعضهم أصيب بحالات إغماء وإجهاض، ونرى أن هذه الحالات كانت بسبب عشوائية استخدام المبيدات وعدم مراعاة مدة الأمان المطلوبة بعد رشّها، ورصدت النقابة تعرض البعض منهم لاستغلال من أصحاب المزارع، فيما تعمل بعض السيدات مع أزواجهن في أرض الزوج من دون أجر. تفتقر عاملات الزراعة، وفق عبد العزيز، إلى معاير السلامة والصحة المهنية بالإضافة إلى أنّ عدد ساعات عملهنّ تزيد عن 9 ساعات يوميًا في أجواء حارة. ومع ذلك، أصبحت الزراعة مهنة غير كافية لكثير من العمال والفلاحين مما جعل عددًا كبيرًا من الأسر تعمل في مهنٍ أخرى إلى الزراعة من أجل سد احتياجاتهم، وبالتالي طالبت النقابة الدولة بتحديد أجور عادلة، تجبر أصحاب الأراضي والمزارع على اتباعه لكي يتناسب مع الجهود التي يبذلها المزارعون وتحديدًا المزارعات منهم، واللواتي يشكّلن القوى العاملة الأساسية في مجال الزراعة وفق عبد العزيز الذي يشير أيضًا إلى أنّ هناك بعض المحاصيل التي تتخصّص المزارعات فيها مثل زراعة الأرز والقطن.

يطلق عبد العزيز مصطلع «الزراعة البحتة» على يعلمون في أرضهم بدون أجر، ووفي غالبية هذه الحالات، يعمل الزوج والزوجة والأبناء في الأرض من دون أجر، أو تأمين صحي يحميهم في حال إصابتهم في الحقول، إذ لا تعد إصابة عمل، لهذا لا تتوقّف النقابة عن مطالبة الجهات المعنية بتوفير مظلّة حماية اجتماعية وصحيّة لهذه الفئات. وأكد عبد الفتاح عبد العزيز أن النقابة طالبت وزارة العمل بإعداد قاعدة بيانات بالعمالة الزراعية و”صدمنا بواقع أن الوزارة ليست لديها آليات لتسجيل العمالة الزراعية اليومية وحصرها”.

علمًا أنّه لدى النقابة خطة عمل لرفع وعي أعضائها والفلاحين بحقوقهم التي كفلها قانون العمل وقانون التأمينات الاجتماعية وبرامج الحماية الاجتماعية وبرامج التنمية والتأمين الصحي.

* يُنشر هذا المقال ضمن مشروع “غرين بانتر” بالتعاون مع مؤسسة “تاز بانتر“