fbpx
خطــ٣٠ // تنشر وفق الحقوق المفتوحة Copyleft

جسد

عن علاء عبد الفتاح وإسماعيل المهدوي.. أو ما لا يجب تكراره

قبل عدة أسابيع، كنت أشكو لطبيبتي النفسية من شعوري المتزايد بالغضب. ذكرت لها أنني أصبحت أشعر دائماً  بالرغبة في النزول إلى الشارع والصراخ. في الفترة الماضية كنت أستيقظ كل يوم بشعور قوي بالإهانة، كأنني تلقيت صفعة على وجهي، بل صفعات متتالية تتصاعد قوتها كل يوم. فالمدينة...

ليالي الحرب.. معارك النوم واليقظة

لا أمد واضح للحرب الإسرائيلية على لبنان، ولو نجا النازحون من الموت، إلّا أن كلّ ما يحيط بهم يهدّدهم باستمرار. يقول فرانز كافكا «إن انعدام النوم لا يعني سوى التساؤل؛ فلو حصل المرء على إجابةٍ لنام». وفي حالة اللبنانيين والنازحين اليوم، تكثر الأسئلة؛ هل سيسقط صاروخ أثناء...

صلاحية دائمة للاتهام

شهريًا تفقد النساء أجنة دون أن يعلموا بوجودها. تتحلل الكروموسومات المشوهة وتلقي بنفسها خارج العالم في فعل أشبه بالانتحار. تعبر عن موتها بدماء وألم؛ دماء شهرية معتادة وألم من ضمن تنويعات الآلام التي تختبرها النساء، فمن تملك حساسية لتميز؟ من ملكت ستمر خلال حياتها بتجارب...

عن حتمية تجاوز ما حدث وما يحدث

لم تكن والدتي مسرورة عندما لاحقتُ رجلًا لأضربه بشنطة تسوق كنت أحملها ونحن نمشى على رصيف في أحد شوارع وسط القاهرة، لأنه قال لي: «اطفي السيجارة». بعد الحادث قعدنا في كافيه وعاتبتني بعبارات عن حتمية البرود، والكلاب تعوي والقافلة تسير، وضربي له ما هو إلا بهدلة لي. عندما...

يدي والمدينة

لا تتوقف القاهرة عن إشعاري بأني مفصول عنها، لست وحدي ولكننا جميعًا كسكان مفصولون عنها، مدينة في حالة تبدل مستمر، هدم وبناء وإزالات وإحلالات وتوسع لا يستطيع أحد استيعابه، يصنع بأذرع جبارة لا تلتفت لأي شكل من أشكال المساحات التي يمكن أن يتحرك فيها البشر،المهم زرع...

على جانبي معبر رفح.. حكايات الانتظار المر

تقريًبا توقفت حياة المواطن المصري سيف الدين محمد (40 سنة) منذ السابع من أكتوبر الماضي؛ لم يذهب إلى عمله في مجال المبيعات الغذائية، لا يستطيع النوم، فهو تحت سيطرة القلق الشديد على أولاده الثلاثة رامي (6 سنوات)، ومحمد (4 سنوات) ومالك (سنتين)، المحاصرين تحت القصف مع...

أرانب العالم بخير

قابلت أمي مصادفة إحدى جاراتها القدامى، بعد التحية، سألتها عن سبب ارتدائها للأسود، شرعت الجارة في البكاء، وقالت بين الشهقات المتقطعة أنها دفنت أباها بالأمس، أمي التي حضرت عزاء الرجل منذ ما يزيد عن عشرين عامًا، رفعت حاجبها متشككة في قوى الجارة العقلية، لم تتركها الجارة...

موتى وأحياء في الطريق من الجنينة إلى أدري

بعد تسعة أيام من اندلاع الحرب في الخرطوم، 15 نيسان (أبريل) الماضي، وصل العنف إلى "الجنينة"، مدينة زراعية تبعد عن العاصمة 1200 كيلومتر أقصى غرب السودان. لم يكن من السهل الوصول إلى أخبار يمكن الوثوق بها عمّ يحدث هناك. التغطيات في المحطات المختلفة مسيّسة وموجهّة نحو...

غزة.. حفرة من الجحيم

الآن يبدو لي أن الخروج من غزة كان فخًا للإمعان في البقاء والتعلق. كانت القدرة على المرور عبر معبر رفح البري قبل 6 أشهر تجاه الأراضي المصرية كمعجزة نبوية. سفري للقاهرة رفقة زوجتي وطفلتنا كان مرتبطًا بالدرجة الأولى بالهرب من هدير طائرة الاستطلاع الإسرائيلية التي لا...

وخز في ذراع المريض المتوهّم

في الغرفة الملحقة بمكتب الطبيب النفسي جلستْ مساعدتُه الشابة تتفرسني من خلف نظَّارتها السميكة. تسأل وتستمع إلى إجاباتي وتدون في مفكرة أمامها بعض الجمل بالإنجليزية. لم أكن متحمساً للقاء، لا معها ولا مع الطبيب. أريد أن ينتهي كل شيء بسرعة، فمائة طبيب نفسي لا يستطيعون نزع...

عيادة نفسية افتراضية.. من يحتاج إلى جسد

بعد سنواتٍ من السبات اللفظي، تستعيد شخصيّة عرض "ليس أنا" لصامويل بيكيت قدرتها على النطق مجدداً. يظل جسدها غائبًا طوال أدائها للمونودراما فلا يظهر إلا فمها الذي يفرض على المتفرج/المستمع أن يستسلم لكلامها المتشظي، كأنما ليمتحن قدرة الأذنين على تركيب أحجية اللغة. يعمّق...

أب وبنت وجسر جديد للعلاقة مع العالم

عندما رأيتُ ابتسام لأول مرةٍ في صالة كمال أجسام في مدينة تقرت (680 كلم جنوب شرق العاصمة الجزائر)، كانت تبلغ من العمر 13 سنة. أتذكر حين دخلت الصالة الرياضية المكتظة  وجدتها جالسةً ترتدي ملابس رياضية وشعرها مُصفّف إلى الخلف كأنها تستعد للتمارين. تساءلتُ حول وجودها...

أطول/ أحلى/ أضعف .. عن أولادنا وثقل المقارنات

القبض على اللحظة التي سمعت فيها المقارنة الأولى بشأن أطفالي ليست بالأمر الصعب. بالعودة إلى ذلك اليوم، حين كانت سيّارتنا تشقّ طرقات دمشق  في السادسة صباحاً لنصل إلى موعد ولادتي الأولى المُرتقب، كانت أشدّ مخاوفنا في تلك اللحظات الوصول إلى وجهتنا آمنين، فسماء دمشق لم تكن...

رائحة الأكثر من عادي في الحياة

أول مرة شممتُ فيها رائحة المسك الأبيض، حدث بداخلي شيء لم أخبره من قبل. لأول مرة تستحوذ رائحةٌ على روحي وجسدي وتصيب قلبي بخفة مرفرفة سرّعت من أنفاسي ونشرت في جسمي الخدر. لحظتها لم يكن أنفي هو من يشمّ فقط بل قلبي أيضًا. تمامًا كما حدث لي ذات مرة حين وقفت أمام عازف...

عندما تتقن فن الحماقة

"أليس داخل المهرجة التي تضحك الناس شخص حزين !" كانت هذه هي العبارة الأولى التي أواجَه بها عندما أقول بأني مهرجةٌ بدوام جزئي. تستفزني هذه العبارة ولكنني اليوم أقارب بين هذه المعلومة الكليشيه وحقيقة التهريج من خلال تجربتي. في عام 2014 تحولت في بيروت إلى امرأةٍ غير مرئية...

شيرين.. كعكة متاح أن يأكلها الجميع

في فيلم "notting hill" تظهر جوليا روبرتس في دور ممثلة مشهورة، في  حالة من الاضطراب عندما ينكشف حبها من شخص مغمور للجمهور، في أحد مشاهد الفيلم تصب غضبها على حبيبها بسبب ظهور مصورين وإعلاميين أسفل منزله.  لم تكن المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب جوليا روبرتس، هي في...

مصحة أم سجن.. كيف يعالج مرضى الإدمان في مصر؟

خلال الأيام الماضية انشغل النقاش العام في مصر بدخول فنانة شهيرة للعلاج في مصحة نفسية قسرًا. وبعيدًا عن انتهاك حق الفنانة المطلق في الخصوصية، الذي تجلى في الكثير من التقارير التي تناولت الموضوع، غير أن الواقعة دفعت بالكثير من التساؤلات إلى السطح: من يقرر إدخال مريض...

يُعاكس.. يتحرّش

في حين تغيّر البنات طريقهن المعتاد، أكثر من مرة في اليوم، حتى تتفادين جموع الشباب التي تصدر عنها كلمات وألفاظ تحرّش، لازال الكثيرون يتناقشون حول الفرق بين التحرش والمعاكسة. المشي في شوارع الجزائر العاصمة، المدينة التي أحب، غالبًا ما يجعلني متأهّبة كأن هناك حربٌ خفية...

تحت وطأة التهميش

عندما تمكّن صديقنا من التعرّف على البنت التي رآها في الميكروباص، كان هذا انتصارًا لنا. فقد كنا نجوب الميكروباصات طولًا وعرضًا لنيل الوصال من الجنس الآخر. وعندما نجح، كان علينا أن نكون في الجوار للحماية.  كنا ثلاثة في السنة الأولى من الثانوية العامة، عز مرحلة المراهقة،...

قانون حقوق الطفل الأردني.. دولة تنسحب من مسؤولياتها

قبل نحو أشهر عدّة، عادت ابنتي ذات الأعوام الخمسة من الروضة (Pre-school) مسكونةً بفزعٍ شديدٍ استمر أياماً بسبب ما يرويه زملاؤها لها حول معلّمة تضرب طلّابها في أحد الصفوف الأساسية، وقالت بنبرةٍ قاطعةٍ إنها لن تكمل تعليمها في المدرسة حتى لا تصل إلى تلك الغرفة التي تنطلق...

عن الشيخوخة وأشياء أخرى

بقايا في ذاكرتي / يوجد حجر كبير في ركن / من بيت طفولتي / الذي قالوا إنه أبيض... درية شفيق/ بدايات عام 2017 كنت قد بدأت العمل على ترجمة مختارات من أشعار درية شفيق* (1908-1975)، من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية. دفعني إعجابي ببعض قصائدها، المنشورة في دواوينها الثلاثة...

أفكار متناثرة عن “بتاعة البنات”

ظهر على شاشة تليفوني اسم ابنتي ذات الثلاث عشرة عامًا تتصل بي وما أن أجبت عليها، سمعت بكاء بصوت خافت: بابي، انا غالباً عندي اللي هي بتاعة البنات!أجبت: البيريود يا ميرو؟أيوه يا بابيطمأنتها، وحاولت أهدئ من خوفها، ليلتها لم تكن زوجتي بحالة جيدة، عانت طوال الليلة السابقة...

الباقي من جرح في مخيم جنين

منذ نيسان (أبريل) 2002 وأنا أحتفظ في داخلي بزيارة لمخيم جنين شماليّ الضفة الغربية. أتذّكر أن عمّي دخل ساحة منزلنا في بلدة كفر راعي وقال إنه عاد لتوّه من المخيم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من أرضه. حاول أن يروي لنا ما شهده هناك لكن لسانه تلعثم وصوته أخذ بالارتجاف إلى...

صعوبة الإجابة عن “كيفاش؟”

كلمة "كيفاش" هي كلمة من اللغة العربية، نجدها في لهجات شعوب شمال إفريقيا، ولها نفس معنى  كلمة "كيف". مثلاً، في جيجل، 330 كم شرق العاصمة الجزائر، تُستخدم كلمة "كيفاش" للسؤال عن حالة الأشياء ("كيف حالك" عندما تقابل شخصًا ما)، أو لمجرد السؤال عن الجديد مثل "واتس آب" في...

ما يحكيه صوت علاء عن جسده

قابلت أحد أقاربي عقب خروجه من السجن. عامان ونصف من الحبس الاحتياطي. ورغم كل المرارة والصعاب التي لازمته في محبسه، فإن أشد ما آلمه كان توقيت الاعتقال نفسه، عام 2019. يخبرني بأنها كانت لحظات هزيمة نهائية ومستمرة، ولم يكن هناك داعٍ للتنكيل. وضرب مثلًا بجنود مهزومين...

عن الصلع الذي أصاب البلاد

لطالما اعتبرتُ فيلم "إنلاند"، الذي أخرجه طارق تقية (يُنطق "طريق") سنة 2008 فيلماً بوصلة. عنوانه في حدّ ذاته اتّجاه، بالعربية: القِبلة من القبلي وهو عكس البحري. البحر هنا يعني الشمال والقبلة هي الجنوب. "قبلة" رحلة عكسية لجزائري، يعمل في شركة مدّ خطوط الكهرباء، يتوغّل...

نتعلم الرقص أم نتذكره

على شاطئ قناة السويس، وفي منتصف المسافة بين مدخلها الشمالي على المتوسط (بورسعيد) ومدخلها الجنوبي على البحر الأحمر (السويس) تقع مدينة الإسماعيلية الهادئة والمعروفة بحدائق المانجو والفراولة على أطرافها. وتسمى الإسماعيلية بـ "باريس الصغرى" لا سيما بين أبنائها، وذلك للأثر...

محاولة التقاط صورة لجسد واقعي

كل يوم تلتقط آلاف مؤلفة من الصور للنساء الجميلات، وأقل منها بكثير للواتي لا يملكن مسطرة الجمال المتفق عليها. أن تُعتبر المرأة جميلة فهذا يمنحها مزايا فورية، لكن ألا يوصف الجمال بأنه سريع الزوال وهش، مثلما أنه غريب ومتعدد. عندما بدأت في مقابلة مجموعة من اللبنانيات كنت...

بيروت سندروم.. مشروع التقاط صورة لألم مزمن

تفتش سابين عرموني بيدها عن موضع الألم، تعرف أنه هنا في مكان ما من المعدة، هذا الشيء المزمن المجهول استقر في نقطة معينة تحاول المرأة أن تصل إليها، أن تضغط عليها لعلها تنفجر ثم تتشظى إلى أن تختفي. كانت سابين تعاني من معدتها لسنوات عديدة، وجربت علاجها من خلال النظام...

حتى الآن نجوت من الزهايمر

عند سؤاله في مبنى الفيدرالية بعد تقديم استقالته، يقول هنري بطل رواية "مكتب البريد" لتشارلز بوكوفسكي إنه استقال من عمله ساعياً للبريد ليمارس مهنة. ما المهنة التي سيمارسها رجلٌ على عتبة الخمسين؟ ردّ هنري الذي يجسّد سيرة المؤلّف.. سأصطاد. يصطاد السمك ويربّي الخنازير...

العيش داخل جسد لا أحبه

حملت كيساً مليئاً بالجينزات والثياب واتجهت إلى خيّاطي في منطقة الشعلان في دمشق لتضييقها، فقد خسرتُ بعض الوزن مؤخراً وأنوي خسارة المزيد، ولا داعٍ لشراء غيرها.  أخذ الخيّاط يغرز الدبابيس في البنطال وسألني عن سبب خسارة الوزن، "لتكوني عشقانة؟"، ضحكت وقلت له لا، بل إنّي...

الحركة على أقدام ثابتة

عشتُ عمرًا طويلًا قبل أن أتعرف على بطني. هذا الجزء تحديدًا من جسمي كنت أحاول تجاهله قدر الإمكان. بطني هي كرشي، هي علامة إصابتي بتكيس المبايض، هي كوب القهوة الزائدة الذي لا يفهم من حولي لماذا أحتاجه. هي من جعلت من حملي معجزة وليس حدثًا واردًا. هي صداع منتصف اليوم، هي...

أجساد تخصنا ولا نملكها

كنت شديد النحافة طوال فترة المراهقة وحتى بعد نهاية الدراسة الجامعية. لم تتسبب لي النحافة بأي أزمات نفسية أو جسدية. على العكس، كنت خفيفًا وكثير الحركة، وكان مظهري مقبولًا بشكل عام. لكني نلت حظًا وفيرًا من التعليقات والأحاديث المتهكمة بالطبع. ذات مرة لم يجد أحدهم ما...

أحاديث المرايا

مرآة أولى "ما أنا عارفك.. تقفي قدام المراية ست أشهر".. فؤاد المهندس في مسرحية "سك على بناتك" 1980   لست من المغرمات بمساحيق التجميل، لا أضع منها إلا القليل جدًا في المناسبات، لا أصفف شعري إلا مرة واحدة كلما غسلته.. ورغم ذلك أستهلك زمنًا طويلا أمام المرآة. لماذا...

كيف تحررت من الريجيم وامتلكت جسدي

بعد أزمة "كوفيد 19" وجدت نفسي وجهًا لوجه أمام نَهمي للطعام، لقد انهالت صور الوجبات والخبز والأطباق الملونة على فيسبوك من كل الأشخاص  تقريبا متباهين بقدرتهم الجديدة على الطبخ، كأن فعل الأكل أُخترع حديثا بعد العزلة، مؤكدا على فكرة أننا أصلا كائنات بيولوجية يحركها غريزة...