fbpx
خطــ٣٠ // تنشر وفق الحقوق المفتوحة Copyleft

تقدمـ العمـر

صناديق بريد البصرة.. ذاكرة مهجورة

في سنّ  السادسة عشرة كنت أزور عمّي في محله بسوق حنا الشيخ عبر نهر العشّار، وانتظر أن يطلب مني المرور بدائرة البريد والتأكد من الرسائل بعد أن يضع مفتاحاً في يدي، تثقله ميدالية فضّية. كان لديه صندوق بريد بالرقم 72، ويتملكني الفخر بسبب قدمه. كان محلاً لبيع العطور...

أوديب شيخاً

"العمر مجرد رقم" أو "ليس للتقدم بالسن أي معنى"، عبارات من هذا النوع كثيراً ما نصادفها في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً في منتجات التنمية الذاتية، تبشرنا بأننا نستطيع في أي عمر البدء من جديد، لنحقق جميع أحلامنا.  أنا شخصياً من هواة التنمية الذاتية، لا أستحي أن أستمد...

عزيزي محمود الورداني ابن العشرين

ربما يكون مناسبًا أن أتحدث معك قليلًا في البداية وقبل كل شئ عن مسألة "اليٌتم"؛ لن تبرأ من جرحه أبدًا، سيظل الجرح صاحيًا على الدوام، ولن تتجاوزه وستظل تكتب عنه مرات عديدة. ربما لأن وعيي بالدنيا بدأ وأنا يتيم فعلًا، فقد مات أبي بعد عامين من ولادتي. لا  أتذكره قط بالطبع...

كيف يرى جيلُ إكس جيلَ زد؟

يسموننا جيل إكس (مواليد ستينيات القرن العشرين). يمثل انهيار جدار برلين (1989) لحظة وعيٍ أو صدمةٍ بالنسبة لنا. نهاية عالم عرفناه جيدًا؛ تشكّلت فيه قيمنا وأفكارنا. وتشكّل عالمٌ جديد نحاول أن نفهمه ونستوعبه في سن متقدّمة (نسبيًا). ويسمّى الجيل الذي عرف نهاية عالمنا لكن...

من دفاتر يوميات العزلة

"صرة ثقيلة من المفاتيح/ غير مرئية/ تنزلق... كل ليلة كل صباح/ وتضع/ سداً هائلًا/ على قلبي الباكي."درية شفيق* من دفاتر يوميات العزلة التي بدأت في نهايات عام 2019 واستمرت قرابة بدايات عام 2021 "ليس لدي معارف أو أحد يهتم بي"ظل محمد نجيب -أول رئيس لجمهورية مصر (يونيو 1953-...

عمن هم خارج الكادر

"كيف نتحمل كابوس الذاكرة؟..." درية شفيق موجود، مفقود، أزلي خلال ورشة الجنينة، تصوير عاليا بسيوني يمكن للأشجار أن تدلنا على عمر المكان، تمامًا مثل البشر والمباني، لكن الأمر يحتاج لمتخصص في هذا المجال. ربما لهذا حاولت البحث عن تاريخ الحديقة المفقود، بالـتنقيب في...

البحث عن ونس

اعتدت السير ساعة كل صباح في شوارع منتون، مدينة صغيرة بجنوب فرنسا أعيش فيها منذ وقت لم يصبح الآن قليلًا، المشي هي إحدى محاولاتي لكسر ملل الأيام. أبدأ رحلتي غالبًا من المنطقة القديمة، هي عبارة عن بيوت مبنية على جبل، حارات ضيقة وملتوية وبيوت تشبه علب الكبريت في صغرها.كنت...

بالأمس فقط

توفّيت جدتي في ليلة صيف، على الرابعة صباحًا في مستشفى بالضاحية الشرقية للعاصمة الجزائر. كانت تلك أول مرة أشاهد فيها والدي يبكي. باغتنا موتها ولم نتمكّن من توديعها. كان عمري 25 عامًا. ربع قرنٍ قضيته قريبةً منها ومن حكاياتها.  خلال اليومين التّاليين، جاءت وجوهٌ...

عن الشيخوخة وأشياء أخرى

بقايا في ذاكرتي / يوجد حجر كبير في ركن / من بيت طفولتي / الذي قالوا إنه أبيض... درية شفيق/ بدايات عام 2017 كنت قد بدأت العمل على ترجمة مختارات من أشعار درية شفيق* (1908-1975)، من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية. دفعني إعجابي ببعض قصائدها، المنشورة في دواوينها الثلاثة...

بطء.. سرعة.. على نفس الطريق

عادة عندما نتحدث عن أهالينا، نتحدث عن مشاكل، عن بذور أزمات زُرعت بداخلنا، عن اختلاف في وجهات النظر، عن تصادم أو البحث عن تفاهم مفقود. لكن هنا لا أود الحديث عن مشاكل، فقط أريد أن أحكي عن أبي. مرات كثيرة عندما أفكر فيما أفعله من تصوير، من سفر، من عمل، أشعر وكأني أريد أن...

عالقون في دمشق.. ليس تعبيراً كافياً

يبحث عمّار، 29 عاماً، عن كلمة تصف مشاعره وازدحام الأفكار في رأسه والقرارات السريعة التي يجب عليها اتخاذها قبل أن تنتهي مدة تأجيله ويلتحق بالخدمة العسكرية. الحلول التي أمامه ليست كثيرة، جميعها صعب التحقيق، منها الحصول على شهادة لغة ألمانية أو إنجليزية في وقت قياسي...

عمّان أدراجها ومسنّيها.. صداقة قد تبدأ من درابزين

عندما تزوجت أم صدام، عام 1988، تركت مدينة إربد حيث نشأت لتنتقل مع زوجها إلى عمّان، ومنذ ذلك الحين تقطن بيتًا يقع على أحد أدراج منطقة "راس العين”. كان انتقالها صعباً في البداية من المدينة السهلية الخصبة التي يعمل سكانها بالفلاحة غالبًا، لتعيش في العاصمة الواقعة على نحو...

التحول إلى الرمادي.. رحلة البحث عن جدي

لم أبك جدي يوم وفاته، لكنني بكيت حزن أمي على فراقه. توفي جدي وأنا في الثانية والثلاثين من العمر، حفيدة أخرى في طابور طويل من الأحفاد فلا شئ مميز لوجودي في حياته، لكنه كان جدي الوحيد. لم تكن هناك أي علاقة لا مميزة ولا غير مميزة تربطني به. لكنني ومنذ كنت طفلة تسحبها...

حتى الآن نجوت من الزهايمر

عند سؤاله في مبنى الفيدرالية بعد تقديم استقالته، يقول هنري بطل رواية "مكتب البريد" لتشارلز بوكوفسكي إنه استقال من عمله ساعياً للبريد ليمارس مهنة. ما المهنة التي سيمارسها رجلٌ على عتبة الخمسين؟ ردّ هنري الذي يجسّد سيرة المؤلّف.. سأصطاد. يصطاد السمك ويربّي الخنازير...

مشاهدات من عصر الموت بكثرة

بينما يعيش حياة عادية دون أن يفكر فيها فعلًا، يدرك بطل رواية "موت إيفان إيليش" لـ تولستوي أنه مصاب بمرض قاتل وأن أيامه معدودة، ورغم إنكاره العميق والمتأصل لذلك، إلا أن شيئًا ما يدفعه إلى التفكير في حتمية الموت، هذا التفكير بوصفه مواجهة لموته الشخصي، وهذه المواجهة...

البحث عن أندروفين السعادة في الخمسين

قامت أنديرا ذات الجسد الضخم من مقعدها وظهر أن مريولها ملطخ بالدماء. خفنا، نحن البنات في الصف وأصيبت المعلمة بالحرج وبدأت الوتوتة والتوتر إلى أن جاءت أمي، كانت مديرة مدرستي آنذاك، وجمعت الصفوف وتحدثت عن الدورة الشهرية. قالت إن أنديرا، التي كانت غارقة في عارها بين...

أسعد جناح مستشفى في العالم

كيف يمكن لمن نشأت فتاةً أردنيةً أن تتخيل أنها ستكبر لتكون رجلاً أردنياً، أن تكون قاتلها؟ هل يمكن لفلسطيني أن يتخيل النظر في المرآة ورؤية الوجه المبتسم لجندي إسرائيلي يندمج في وجهه؟ هل يستطيع عصفور ولد للتو في العش أن يتخيل صقرًا جائعًا ينبثق من صدره؟ لأشهر بعد بدء...

في جو من الألفة المستحيلة

في نهاية زقاق ضيق وطويل يتقاطع مع الشارع العسكري، حيث أحد أحياء مدينة جنين السكنية، يقع مبنى "الجمعية الخيرية للمسنين"، هذا ما تقوله اللافتة، لولا أن المراجيح والسحسيلة (الزحليقة) المهجورة في باحة المنزل توحي بأنه روضة أطفال، هناك أيضًا فوضى من بقايا الأسّرة والفراش...

وصلني ع الصنايع.. عدة محاولات للوصول إلى الحديقة

اثنان وعشرون ألف متر مربع مظللة بأشجار الكينا المعمّرة، فيها ممرات للركض ومسارات للدراجات الهوائية وأماكن للعب الأطفال ومقاعد أنيقة ونافورة قديمة، هذه البقعة حبيسة خلف الأبواب المغلقة وسور جنينة الصنايع كما اعتاد الناس تسميتها، أو حديقة رينيه معوض كما هو اسمها الرسمي....

هرمونات مقاومة للشيخوخة.. هل يمكن هزيمة الزمن؟

"وعاش آدم مئة وثلاثين سنة، وولد ولداً على مثاله كصورته وسمّاه شيتاً. وعاش آدم بعدما ولد شيتاً، ثماني مئة سنة فولد بنين وبنات.... وعاش شيتٌ مئة وخمسِ سنين وولد أنوش... وعاش أنوش تسعين سنة...”. بهذه "التلاوات المسطّحة" كما تسمّيها الناقدة الأميركية إلين سكاري في وصفها...

هيمنة وسخرية.. الشيخوخة في التراث الشعبي

كان والدي -حينما تقدّم به العُمر- يترنم في أوقات العصاري بمأثور شعبي عن الزمن وقصر الحياة الدنيا، يأتي هذا المأثور على شكل مناظرة بين شخصين في وصف الحياة وزيفها؛ الأوّل يقول.. "دنياك مثل ماش، مثل حلّام الليل صحي ما لقاش"، ولأنّ كلمة (ماش) تتكوّن من مقطعين صوتيين فإن...