موسيقى تصويرية لحياة يومية 

المسمع الأول 

(دفق من الرسائل الصوتية والمحادثات الحيّة معالج تصميمياً بحيث تُضاف عيّنات موسيقية متعلّقة بالخلفية، يعرض إجابات جُمعَت من أصدقاء لسؤال عما هي الموسيقى التي تخطر في بالك عندما ينتابك لوهلة شعور معين بالفرح، الحزن أو الغضب.. يتخلل الدفق نص السؤال على لسان الراوي لمرة أو أكثر) 

 أسماء المشاركين في الإجابات، حسب ترتيب الظهور

سومر المير محمود 

إياد جناوي

فارس البحرة 

سومر المير محمود: 

محمد صادق حديد

عازف ربابة 

وبيغنّي عتابا شرقاوي 

أنا باتذكّر كنت طفل 

وكان يُشاع أثناء الإستماع إله

جو من الحزن الغريب في البيت 

ياللي هو ما زال بيصيبني حتى اليوم لمّا بسمعه

ميزة هذا الحزن، بعكس البنية المنطقية لكل شعور بالحزن 

إنه ما بيدف لتخلص منه وإنما

بتتصالح معه وبيخلّيك تشوف الأشياء طبعاً 

بطريقة جديدة. بس خاصة كثير ومش سلبية”

 

إياد جناوي: 

“أنا لما بحسّ بفرح بيخطر على بالي موسيقى فيلم فورست غامب

يمكن لأنه بتذكّرني بكتير معاني أصيلة بالحياة.

بقصة الفلم، أو لأنها هب موسيقى جميلة بحد ذاتها” 

فارس البحرة:

“وقت باشعر بنوع من الحزن، صعب إنه يوصل للآخر وصعب أنه يتعبّر عنه بكلمات:

حزن عميق وشخصي جداً، بيخطرلي هاللحن هاد

لموسيقي هندي إسمه غامش شوتام”  

 

صمت … دخول صوت الراوي مع مشهد صوتي 

 

ممارستي لكل من الموسيقى والتأمل علّمتني إنّي إسمع حالي وراقب

مو بس الصوت الداخلي ياللي من لمّا وعيت عالدنيا وأنا عم إسمعه جوّاتي، وهو عم يحادثني كل الوقت

وإنما كمان، الأنغام ياللي بدور ببالي وقت حس بشي، فكّر بشي أو .. اتذكر شي.

 

مع الوقت صرت حس إنه براسي مو بس حكواتي

وإنما أحياناً في بقفى (خلف) هالحكواتي أوركسترا عم تعزف موسيقى تصويرية؛ 

كأنه حياتي فلم سينما!  

 

(قطع مباشر يأخذنا إلى مقطع صوتي من مشهد سينمائي درامي من فلم مصري لحقبة منتصف القرن الماضي، له خلفية موسيقية كلاسيكية الطابع)

الحكايا سواءً جوّاتنا أو حولينا، مو بس بتمثّل أحداث ووقائع وإنما بتخلق أحاسيس ومشاعر.

مرّات، لما اللغة بتعجز، بيصير لازمها موسيقى لحتى تساعد على الإستغراق بالمشاهد.

هيك، بتصير الحكاية تأثر فينا أكتر وتوجّه مزاجنا وتفكيرنا…   

هلق عم دوّر بذاكرتي، عن اللحظة ياللي بلّشت شوف فيها مشاهد الحياة كموسيقى 

لحظة! اتذكرت! 

 

بزمانه، لما كان عمري شي 6  أو 7 سنين 

كنت عم إلعب بمجموعة شرايط كاسيت لبابا

كانت بشنطه جلد بيضا سميكة، كلها أعمال موسيقى كلاسيكية. 

 

قام لفتني كاسيت مطبوع عليه صورة معركة.  

كان هالكاسيت لمقطوعة موسيقية من تأليف بيتهوفن 

إسمها “سمفونية المعركة” 

قلتله لبابا يحطّلي ياها بالمسجلة لأسمعها، 

من لما سمعتها بهداك اليوم، صار بدي إسمعها كل يوم. 

 

وهالمقطوعة إلها حكاية.

عزمان بيتهوفن بأول القرن التاسع عشر كانت “موسيقى المعارك” موضة…

أوروبا غرقانة بحروب بين الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابارت وبين حلف إنكلترا وهولندا وألمانيا.

معركة “واترلو” ياللي انتصر فيها الحلفاء على نابليون

حبّ بيتهوفن، الألماني، إنه يخلّدها بعمل موسيقي، بيصوّر أجواء المعركة موسيقياً، وبيمجّد الإنتصار. 

 

كنت عم إسمع

فرقة عسكرية عم تتقدّم

 

بعدها، فرقة عسكرية تانية، عم تتقدم 

 

وفجأة بتبلَش المعركة  

أصوات بتشبه المدافع والبواريد عم تدوي وتلعلع، بتعزفها آلات ميكانيكية خاصة صُمّمت بوقتها لتجسيد أجواء المعارك،

والأوركسترا من كمانات وآلات نفخ وطبول عم ترافقها بألحان دراماتيكية مثيرة

 

بتضلَ شغّالة هيييك، لحتى ينطفي آخر مدفع

“معلناً” إنتهاء المعركة.. هون بنسمع لحن كئيب بيصوّر الموت والدمار

وبعده، لحن حماسي إحتفالي بيصوّر أجواء الإنتصار.     

المسمع الثاني 

من وقت ما سمعت “سيمفونية المعركة” لبيتهوفن صار في براسي مثل علبة ألوان موسيقية

بلوّن فيها على قماشة خيالي كل مشاهد حياتي

 

الشك بكون صداه ..

(تصميم صوتي يوحي بحال الشك)

 

والخوف والقلق باسمعه .. 

(تصميم صوتي يوحي بحال الخوف والقلق)

 

والرعب بحسّه .. 

(تصميم صوتي يوحي بحال الرعب)

 

والبهجة ..

(تصميم صوتي يوحي بحال الرعب)

 

كمان في أوقات مقطوعات موسيقية بحبها، سامعها أو عازفها بتخطر على بالي بحالة عم مرّ فيها أو لما تجيني أفكار معينة:

 

(مرافقاً بمقاطع من الموسيقى ذات الصلة) 

 

مثلاً لما بفكّر بالصداقة، ما بعرف ليش، دائماً بتخطر على بالي موسيقى يوهان برامز، خصوصاً الحركة الثانية من السوناتا التالتة للكمان والبيانو،

ولما بكون عشقان، بتخطر على قلبي السوناتا ياللي كتبها للكمان والبيانو ريتشارد شتراوس،

ولما بيكون مزاجي رايق وبلش اتحمّس لآخذ لي شي خطوة  شايفها مهمة بحياتي

بصير اسمع جواتي غنيّة Good Times Bad Times  لفرقتي المفضلة أيام زمان ال Led Zeppelin

ولما بتأمل واقع الموت، وأوعى قديش الحياة قصيرة وأغلى من أي شي

بتيجي على بالي الحركة الأخيرة من سيمفوني ماهلر التاسعة والأخيرة. 

 

المسمع الثالث

لما فكّر اكتر بالموضوع، ببلش أنتبه لأنه هالموسيقى التصويرية ياللي براسي، ما بترافق أحداث حياتي باللحظة ياللي عم تصير فيها… الحقيقة إني باسمعها بس لما اتذكر إشي صار من قبل… أو لما أتخيل إشي بعده راح يصيريعني، باختصار، هالموسيقى ما بتظهر إلا لما بكون سارح بأفكاري إما بالماضي أو بالمستقبل.   

10:55

 

أما باللحظة، لحظة العم يصير شي هلق، الموسيقى ما بكون إلها محل 

مثلاً، لما كنت بالشام، راكب السيرفيس المسويّات

راجع عالبيت من المعهد الموسيقي بعد ما أخدت درس كمان مع أستاذي

كنت مدَ راسي من الشباك أنا وعابط كمنجتي، وإتطلّع على مغيب الشمس

قام إسمع جواتي غنيّة ريتشارد شتراوس Im Abendrote، بالعربي (حمرة المسا) وأتخيل إني بألمانيا

راكب قطار عم يشق طريقه بين السهول الخضرا والشمس حمرا بسِفل المدى عم تودّع النهار

 

اليوم أنا عايش بألمانيا… لما أكون راكب القطار المسويات راجع من المعهد الموسيقي، بعد ما عطيت دروس كمان لطلابي، وعم شوف قدامي من الشباك السهول الخضرا على مدّ البصر وشمس المسا وراها عم تحمرّ هي وعم تغيب، ما عاد تخطر على بالي أغنية شتراوس. لأنه بكون بالي آخده الطريق والشغل، إذا راح يتأخر القطار، إذا راح إلحق القطار ياللي بعده، وإذا راح وصّل عالبيت قبل ما يتأخر الوقت.

 

الحقيقة، إنه لما بتبدا الحياة اليومية، لما بنكون/باكون في قلب الواقع

الموسيقى التصويرية ياللي بالرّاس بتوقف.

كأن الموسيقى بتنتمي لعالم ثاني، عالم الأفكار وعالم الرغبات والتصوّرات والأحلام

 

لهيك لما كنت لساتني بالشام راكب السيرفيس، عابط كماني بطريقي عالدرس

عم راقب المغيب وأنا عم إسمع براسي Im Abendrot لريتشارد شتراوس

كنت بالحقيقة لساتني متخبّي جوّا الحلم.