خطــ٣٠ // تنشر وفق الحقوق المفتوحة Copyleft

مقالة تائهة بين «بابلو أكتوبر» و «بابلو ملك الغابة»

طالما كان هناك جمهور واسع يتبنّى تراكات مؤديي الراب والتراب في مصر، فإن الحق الأساسي في مسألة الاعتراف أو التبنّي أو التخلّي عن الرابرز تقع على عاتق الجمهور
ــــــــ المـكـانــــــــ رُبع صوت
1 يوليو 2025

كانت كتابة هذه المقالة المُرهِقة/ التائهة بنائيًا، زنزانة بيضاء. كانت كذلك، وجدرانُها زرقاء، وطقسُها بارد وكئيب. كانت زنزانة ومتاهة؛ فأنا لم أستمتع أبدًا بكتابتها، ولم أُحضّر لها كما يجب، وهذا تقدير ذاتي بالغ الحقيقة والخطورة، على طفل كبير، وحيد، مثلي، يرى الكتابة حصة تعبير عفوية/ طفولية/ مفتوحة على حديقة مدرستي الابتدائية /العشوائية/ الجميلة في صعيد مصر.

حصّة التعبير كانت أسهل دائمًا من كتابة هذه المقالة، فقد كان رحمه الله، مدرسُ اللغة العربية، صديقا لأبي، فكان يتركني أُهبّل في الكتابة ثم أتفاجأ أن الفصل كله يصفّق لي على كلام فارغ، أذكرُ أنّه كان يدور دائمًا حول مراكبي عجيب طويل، يمرّ قِدّام بيوتنا النيليّة مطلع كل شهر قمري.

– لا يُمكِن أبداً! لازم أعتذر!

يجب أن أعتذر للموقع ولكم، عن هذا المستوى الفادح من الإنهيار المعرفي/ الذاتي عن موسيقى الراب في مصر، وهي موسيقى ظللتُ طيلة حياتي آخذ منها موقفًا سطحيًا/ تقليليًا /بالغ التفاهة والظلم منّي لفنّانين وجمهور عريض، يتجاوز جمهور أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وعبد الوهاب ووردة وشادية وفايزة أحمد ومحمد فوزي وفريد الأطرش، مُجتمعين أو متفرقين، على ساوند كلاود أو يوتيوب.

وبسبب هذا الموقف، ردّت موسيقى الراب، على ما يبدو، الضربة وكشفتْ قلّة درايتي بهذا النوع من الموسيقى، ونشأته في مصر، وطبيعة جمهوره، ومحتوى الأغاني (التراكات)، والإيقاعات، والبارات (النصوص) التي تؤدّى في تراك لا يتعدّى أحيانًا الثلاثة دقائق، ويتصدر الترند في مصر، من غير ما أسمع عنه، بحجّة أن هذه موسيقى رديئة. هذه غلطة كبيرة، من باحث متخصص في الأدب الشعبي. عّيْبَة (غلطة) كبيرة، حزّتْ في نفسي.

لعلمكم الشخصي، كتبتُ هذه المقالة، وأنا أتعاطى كل أدوية القولون العصبي، والسجائر، والمسكنات، المُتاحة في صيدلية البيت، إذ إنخرمتْ وِداني من سماع تراكات الرابرز المصريين، فرميتُ السمّاعة الجديدة السوداء في الأرض زَعَلًا، وقد اشتريتها بالخصوص لإنجاز مقترح المقالة، في وقت محدد، تخلّفتُ عنه؛ بعد أن تُهتُ في زنزانة بيضاء، جُدرانها ارتباك معرفي، وشعور أخلاقيّ منّي بالتقصير.

دخلتُ النص، وأنا مِتْوَغْوِشْ (قلق جداً) من ردّة فعلي، كقاريء نِمَكي (دقيق)، على عدد من البروفات الأولى منه، وقد كانت، كما توَغْوَشْت سلفًا، ردّة فعل هُجومية/ هستيرية/ حاذفة بالـ delete  كُلَّ بروفة كتبتها، حتّى أنني كدتُ أغطّي شاشة اللاب وأدسّه تحت الدولاب في غرفة النوم. كل هذا بسبب عدم الرضاء عن لغة وبناء وطاقة النص.

الصراحة راحة. عندي اعتقاد وهمي بنسبة مئة بالمئة أن ما تقرأونه الآن، كتبَ نفسه بنفسه، بقوة الدفع الذاتي والتعاطف اللامرئي مع واحد مثلي، مُستنزف جدًا من رحلة سفر مُرهقة جدًا، جميلة جدًا إلى صعيد مصر في شهر رمضان الأخير 2025.

أعترفُ، وأنا غير راضٍ بنسبة 6556443%، أن هذه المقالة المتواضعة، لا تعكسُ، إرهاقي البدني والذهني، وحدهما، لكن تكشف، بصدق بالغ، ضآلتي المعرفيّة/ السَماعيّة بموسيقى الراب في مصر. فكيف لشخص لديه معرفة محدودة بالراب أن يكتب مقالة جديدة عن هذا النوع المعقّد والمهم من الموسيقى المربوطة، توثيقياً/ تأريخياً باحتجاجات أفارقة أميركا ضد العنصرية؟

أكبر عائق واجه عملية التحضير، هو نُدرة الكتب المكتوبة باللغة العربية التي تتحدث عن حدّوتة الراب في مصر، ووظائفه، وجمهوره، وموضوعات تراكاته، وأسباب ظهوره، وأبرز نجومه الرابرز، الذين يبدون كرؤساء عصابات شوارع. حتّى بعض الدراسات الفولكلورية التي تتحدّث عن الموسيقى العرقية في العالم، ليست ذات صلة، تمامًا، بأسباب نشأة موسيقى الراب في مصر، إذا لم يكن الأمر في النهاية مرتبط بأمركة موسيقية ما لبلدان العالم الثالث، وهذه مسألة انطباعيّة بحتة.

المفاجأة المُربكة التي واجهتني في مرحلة التحضير، هي أنّ 90 بالمئة من الكتابات أو التحليلات المرئية والمسموعة عن فن الراب في مصر من إنتاج وتقديم فنّاني أو أصدقاء الرابرز المصريين، وهذه حاجة خطيرة جدًا لأن عشرات المقالات أو المقابلات التي قرأتُها، في رأيي الصادق/غير النهائي، هي كتابات عاطفية/ غير موضوعية، وفيها قدر بالغ الوضوح من المُجاملات والمعرفة الشخصية المُسبقة بين الكاتب والرابر. وطبعًا، كل هذا، يصعّب علىَّ، أنا المُستمع المُستجد للراب، الاستعانة بمراجع، بدت، إشكالية، وغير موضوعية بالنسبة لي.

تُهتْ في أبنيّة مُحتملة كثيرة، ولم أكتب أيًّا منها للأسف. تُهتُ تمامًا في عالم الراب المصري، ككل بطل حكاية فولكلورية، جميلة، فظيعة، غير منطقيّة، تنزّلَتْ علينا صغارًا في صحون البيوت الصعيدية، إذْ كانت أمي، عليها الرحمة والسلام، تتوِّه بطل الحكاية، حتّى ننجذبُ نحنُ لصوتها بحثًا، معها، ومع إخوتي، عن مكان البطل، مجهول الاسم.

ولم نعرف، أنا وإخوتي، ولا مرّة، مصير ذاك البطل الشعبي الخيالي، إذ كنّا ننام فوق الدِكَك كالكلاب؛ خوفًا من تحذيرات أمي لكل معترضٍ على النوم مُبكرًا، بنفس مصير البطل المجهول، التائه إلى الأبد!

حتّى ذاك النوم الطفولي الأخضر العميق، خَذَلني. هربَ منّي، وأنا أدخلُ زنزانة هذه المقالة، التي ورطني فيها جاري الطفل النبيل مروان بابلو، ابن الـ 11 سنة. وبابلو جاري، ليس الرابَر المصري مروان بابلو الذي سمعتُ له، مؤخرًا، تراك «توتو» مع الرابر أبْيوسف، وهو التراك الوحيد الذي أعجبني لبابلو، رغم التطرّف العنيف، في توظيف النحاسيات في الــ Beat: الإيقاع/ الموسيقى المصاحبة داخله.

(1)

بداية هذه المقالة الجَمَلي، كانت صُدفة مُضحكة؛ إذ كنتُ خارجًا من باب العمارة نهاية صيف 2024، فإذا بالطفل بابلو يبكي أمام مدخل عمارته المُجاورة. يمسكُ كرة بيضاء داست عليها عربة حمراء طائشة، فحوّلتها إلى حتّة فرخة مذبوحة.

– بُص يا عمّو آدم، باظِت خالص. قالها بابلو المَقْمُوص على الآخر.

– معلش يا بابلو!. بسيطة يا عمّ!.

حاولت تخفيف مأساة بابلو الكونيّة/ الكروية لكن بلا فائدة. فتحت موبايلي، دقائق بسيطة، دخلَ خلالها بابلو عمارته، وعاد بكرة ثانية عجيبة. طلبت سيّارة من الموبايل لكن السائق ألغى الطلب لأسباب مجهولة. وقفتُ حائرًا أمام الجار الصغير الذي، أشاركه، وأطفال وصبية الحيّ، بعض المباريات العشوائية في الباركات المُخصصة لركن السيّارات بين العمارات.

– تلعبْ معايا شويّة يا عمّو؟ اكتشف بابلو حيرتي ولعِبَ عليها، ما يبدو!

كنتُ نازلًا وسط القاهرة لشراء حاجات غير مُهمّة تمامًا، وكان الجو حارًا، وأنا قمّاص أكثر من بابلو نفسه.

– باصي يا بابلو!

سَنَدْتُ شنطة اللاب توب فوق الرصيف، وبدأتُ أرفع الكرة المكَعْبَرَة العجيبة. اندهش مروان بابلو، وأنا أُنطّقُ الكرة خمسين تنطيقة متوالية، باتزان رونالدينهو البرازيلي، أحرف لاعب إلى الأبد.

– أنت بقيتْ لعّيب خالِص يا عمّو، ده أنا بنطّق 3 بالعافية!

لا يعرف الجار الصغير الطيّب، مهنتي ككاتب وصحافي، وأنا نفسي غير مهتم، لكن بابلو يعرفنى عمًّا طيبًا، يلعبُ معه، وأطفال الحيّ، الكُرة، بعض الوقت.

لا يعرف بابلو  أنني كُنتُ في مثل سنّة، أُحْمَلُ فوق الأكتاف في مُنافسات الكرة الصعيدية، العشوائية، الهمَجيّة، الجميلة، والتي كاد بعضُها، ينتهي بمقتل طفل بريء، أحرز هدفًا في شباك فريق عائلة مُتنافِسَة/ متعصّبة/ متطرّفة.

حكيتُ لمروان أنني فُزتُ بأصعب بطولة في حياتي وأنا أكبر منه بقليل، إذ فاز فريقُنا أوْلَى تالِتْ إعدادي، على تالْتَة أول، الطِوال العِراض. وما حدث، أنّه، قبل نهاية ماتش النهائي بثوان قليلة، باصَى زميلي إسحاق الكرة مِتْقَشّرَة أمام كوتشي باتا الجديد، فسجلتُ أنا الهدف الثالث وفزنا بالبطولة. حَصَلَ إسحاق شمعون ورأفت عَسْران ومغاريوس وديع وعبد الله حسين، حارس المرمى، على جنيهين لكل لاعب، وأنا زدتُ عليهم جنيها؛ لأنّني هدّاف البطولة.

كانت بطولة شاقة جدًا. سلّمَني الناظر الغاضب ال 3 جنيه، وكأس الهدّاف الصفيح، والفلوس كانت في مظروف مخصوص. صفقّ تلاميذُ مدرسة السلام للتعليم الأساسي، لي، ولفريق أولى تالِتْ الأسطوري الذي هزم فريق ابن حضرة الناظر!

– ياااااااه!… نطَّقْ تاني يا عمو آدم كِدَه!

يُحرّضني مروان بابلو على استكمال الحَكي، واللعب معه، وهو يضحك من طريقتي في سرد أدقّ تفاصيل بطولة ابن حضرة الناظر الكوميدية.

– آسف يا بابلو، مُضطر أتحرّك. العربية جَتْ خلاص.

اعتذرت لبابلو، ووعدتهُ إنّي أعلّمه مهارات التنطيق، والترقيص، قبل أو بعد مباراة جماعية ما في يوم قريب، قبل دخول شتاء 2024.

– غريب اسم الواد ده! مِينْ مروان بابلو؟

سألتُ نفسي وأنا أدخّن مع السائق الهاديء، وقد اكتشفتُ، أنه مثلي، لا يعرف لاعب كرة اسمه مروان بابلو. غريبة! كل مرّة، أقابل فيها بابلو، أنسَى سؤالَه عن اسمه الغريب، وفي كل مرة، يفاجئني هو بأسئلة طفولية تُنسيني السؤال. موقف كرته التي داستها عربة حمراء مجهولة مجرد مثال على مفاجآت بابلو. فتّشْتُ في الهاتف عن لاعب كرة قدم اسمه بابلو فلم أجد إلا نتائج عن بارون المخدرات الكولومبي بابلو إسكوبار!

مرّ شهر على اللقاء العابر مع الجار مروان بابلو. في الجمعة الأولى من ديسمبر/ كانون أول 2024، على ما أذكر، قابلتُهُ، مُصادفة، في طابور مطعم الفول والطعمية في مول الحيّ.

– بابلووووو. إزيّك! واحشني ياض والله. إنت كويّس؟

سلّمت على بابلو، سلام العم لابن أخيه، الكولومبي المُحتمل، ثم ملأتُ له قِرطاس الطعمية الساخنة، قبل أن يتزاحم صبية طِوال على صحن الطعمية، مدّعين كذبًا، أنهم وقفوا قبل بابلو في الطابور!

سألت مروان، ونحن عائدَيْن إلى عمارتينا المتجاورتين:

– هو إيه صحيح اسم بابلو ده؟ جِه منين؟ لعّيب كورة ده؟!

كادت الطعمية تقع من كيس بابلو، وهو ميّت على نفسه من الضحك على عمو آدم، الذي لا يعرف الرابر ملك الغابة، مروان بابلو.

– ملك الغابة؟!

– إعْمِل update بَقَى يا عمووو! ده قرّب يكون إله! اِسْمَعْ لُه «غابة»!

أحْرَجْني الواد بابلو إحراجَ ألمانيا للبرازيل بالـ 7/1 في مباراة كأس عالم غير منسيّة. داريتُ جهلي بالرابر المشهور مروان بابلو، وادعيتُ، ارتباكًا وتَلويشًا، أنّ موسيقى الراب سافلة، وخطر عليه وعلى أطفال الحيّ، وزدتُ أن عليه (بابلو أكتوبر) أن يركّز في المُذاكرة، أحسن من الراب الفارغ/ الشنيع قبل الامتحانات.

– قرّب يكون إله إزاي يا ابني؟ إيه الكلام ده؟ ركّز في امتحاناتك

– امتحانات إيه يا عمّو؟ صباح الفل، حضرتك، إحنا أَجازة!

ضحكتُ على «صباح الفل، حضرتك» و«قرّب يكون إله»، واستمر بابلو، المُتحمّس، المُنتصر سَمَاعيًّا علىّ، في الحديث عن أجْمِد وأفْشَخْ تراكات الأسطورة مروان بابلو، إلى أن دَخَلَ عمارته بالطعمية، ودخلتُ أنا عمارتي بالطعميّة، شاعرًا بتفاهتي الكوميدية/ الخطيرة؛ لأنّني، لم آخذ فكرة، ولو بسيطة، في حياتي، عن فنّاني وموسيقيى الراب في مصر.

قرّب يكون إله؟ لااااااااااا.. كِدَه لازم أعْمِلْ update حالًا، بعد 3 ثواني!

خطــ٣٠ // تنشر وفق الحقوق المفتوحة Copyleft

(2)

كنتُ متهوّرًا، كعادتي مع الكتابة، في شرح مقترح المقالة للرفيق عُمر سعيد قبل فترة من الوقت. هاتفتهُ وحكيتُ له عن «update» بابلو لي، فضحك عُمر، ودردشنا في جدوى المقالة وأهميتها، وشكل البناء المُحتمل، وفي كل مرة كنت أردّ على عُمر بجاهزيتي الكتابيّة /المُطلقة/ على كتابة المقالة في وقت قصير. وافق الرفيق عُمر سعيد على مقترحي الغريب، بعد أن وعدتُهُ، ضاحكًا وجادًا في آن، أن لا آخذَ، لا سَمَحَ الله، موقفًا عُدوانيًا/ شخصيًا من موسيقى الراب:

– صباح الفل يا معلم. كِدَه، يلا بينا نعمل الحكاية.

بصراحة شديدة، ورّطْتُ نفسي، في مقترح مطّاط بَلَعني وأخفى توازني النفسي وأنا أكتُب مُرهقًا. دخلتُ متاهة تراكات الرابر مروان أحمد مطاوِع، المولود سنة 1995 في الإسكندرية، والذي لقّبَ نفسه أولا باسم «دَامَا» ثم تحوّلَ إلى «مروان بابلو» نِسْبةً إلى الرسّام الإسباني بابلو بيكاسو. ركزتُ مع كل شغل بابلو ونسيتُ المحاور الأخرى في بناء المقالة. أرهقتني قصص وحكايات وأزمات مروان بابلو، ملك الغابة الذي اقترب من أن يكون إلهًا كما زَعَم الطفل مروان بابلو.

لم أعرف، في البداية، العلاقة بين الرابر مروان مطاوع، ولقب بابلو،  لكن قرأتُ لعمّار منلا حسن مقالًا تحليليًّا، منشور سنة 2018، يحكي فيه قصة هذا اللقب الغامض: «عندما غيّر مروان لقبه الفني من داما إلى مروان بابلو، اعتقد كثيرون أنه يشير إلى بابلو إسكوبار (تاجر المخدرات الكولومبي الأسطوري)، لكنه لم يفعل… في العديد من مشاهد الأغنية (فولكلور)، يقف مروان إلى جانب صورة مطبوعة للوحة تكعيبية، ليوضح في الأغنية، بعد أن أوضح في العديد من المناسبات على السوشال ميديا، أن (البابلو) الذي يعنيه هو بابلو بيكاسو… مروان بابلو هو رابر لأن الراب وسط فني واسع الإمكانات، وليس لأن الراب كتلة من الصور النمطية المبالغ بها لإغراء مراهقين يمرون بمرحلة التمرد. مروان هو فنان قبل أن يكون رابر، وهو فنان يأخذ وقته لا لشيء سوى لأنه يحتاج كل هذا الوقت ليرضي نزعاته الكَمَالية».

– نَزَعاتُه الكَمَاليّة؟

استوقفني تراك «فولكور»، الذي كتب عنهُ عمّار منلا حسن، وآخرون، وأدّاه بابلو سنة 2018 من إنتاج فريق الدبّ البارد (القاهري)، فتفاجأتُ أن الرابر السَكَنْدَري، صوّر بعض مشاهد التراك في حيّ هرم سيتي الذي لا يبعد سوى 3 دقائق عن بيتي موظّفًا أبنيّة الحيّ، ذات القباب العالية كخلفية بديلة عن رسومات الجرافيتي التي تُرافق تراكات الرابرز المصريين والأجانب.

سمعتُ التراك 13 مليار مرّة، مَجازًا، ولم أحبّ بارات (أسطر) النصّ ولم أقتنع أبدًا بكل التحليلات العاطفية/ الصداقيّة التي كُتبتْ عن التراك، فكلمات بابلو، في هذا التراك، كلّها نرجسية ووحشيّة وذكوريّة غير مُبررة كأنّها هجوم على المرأة والأصدقاء والناس والكوكب.

وقد وجدتني، أيضًا، غير مُقتنع بأنّ «فولكلور» تسمية مُناسبة للأداء والموسيقى والنصّ علاوة على أنها مكتوبة من غير حرف الـ (e) في عنوان الألبوم، وعلاوة على أنّ بابلو، يظهر مثلًا، في بداية التراك، وهو يركب الـ«سكيت بورد»، وهو لوح صغير للتزحلُق بين الشوارع، وهذه الألواح، غربيّة الفكرة والظهور، رغم عِلمي اللاحق، أنّها من هوايات بابلو المفضلة.

وحتّى لو كانت من هوايات بابلو المفضلة، وحتّى لو كان الراب في مصر، يستلهم كثيرًا من لوكيشن الرابرز الأجانب، خصوصًا الرابرز الأمريكيين من أصل أفريقي، فهذا لا يعني أن لا تؤخذ نقطة الـ«سكيت بورد» في الاعتبار من زاوية بصرية تتناسب مع عنوان التراك، لا أكثر.

قد يكون رأيي، كمستمع، في تراك «فولكلور» سطحيًا، وليته يكون كذلك، لكن اسمعوا مثلًا هذه البارات (الأسطر) من الثانية 16 إلى الثانية 33 من «فولكلور». عندما تسمعون هذا الڤِيرس (verse) أو الكوبليه، لن تكتشفوا أية عظمة مخفية في طاقة الكلمات أو التراك:

«مُودّياك ولا موديها؟، كل شوية بتولّع، كل شوية بتطفّي، كل شوية أرميها متأني ومش بجريها، بيتش أنا إبليس، كل البشر ديّ أنا جاي قبليها، ‏Bitch i have my own style ، عارف تمام نفسي ومش محتاج اثبات».

في نفس تراك «فولكلور» يقدّم بابلو، على ما قرأت من تحليلات، خُلاصة موقفه من الحياة، وهو على ما يبدو، نفس موقف جمهوره من الأطفال والمُراهقين على الساوند كلاود واليوتيوب، الذين تابعت تعليقاتهم وشتائمهم في الصُحاب الرابرز المُنافسين، و«البشريّة الوسخة»، والشتائم الأبشع في كوكبيّ الأرض المريخ، معًا.

لاحظتُ، في التراك السابق، وتراكات أخرى، أن طبقة صوت مروان بابلو مُنخفضة في العموم، إذ يؤدّي بطبقة الصوت التي يتكلم بها في الحياة العادية، ويترك للأوتوتيون الانسجام معه في طريقة أدائه البسيطة جدًا، الهجومية في البارات أو سطور التراك.

ونجد أنه من الثانية 22 بعد الدقيقة الأولى في تراك «فولكلور»، يؤدّي بابلو هذه البارات: «جيب لي الريموت نطفّي النفوس، خليلك الحب أنا هاكتفي بالفلوس، في التِراب أنا عامل لجوء».

غريب هذا الرابر السكندري. قرأت تعليقًا من أحد متابعيه، على موقعه الشخصي على يوتيوب يقول فيه عن تراك «أوزوريس» الصادر في 2018، إنّ هذا التراك «زي الآثار كل ما بيقدم، بيبقى أجمد»، فقررتُ سماع التراك أكثر من مرّة باعتباره قطعة أثرية:

صدق مُعجَب بابلو، فـ «أوزوريس» من أكثر التراكات التي لفتتْ انتباهي، ليس بسبب قوة اللغة المصرية المحكيّة في البارات، في تعبير جيل بابلو عن الحب. أعجبتني هذه البارات اليتيمة التي تقول: «خلاص مفاضلش مني غير شوية حطام، لو أوزوريس حاسبني، قلبي هيوزن جرام، مختارتش كده بس اشطه، اهو دوّا (هذا) اللي صار دوّا اللي صار، أهو دوّا اللي صار، متستناش أشتريك، لو فضلت مستني هتقضي عمرك انتظار، عينيها زي شبابيك، قالتلي نط قولتلها بس دا اسمه انتحار».

وعدا البارات السابقة في «أوزوريس»، فإن مروان بابلو، يستمر في تأكيد موقفه الواضح من حياة عصابات الشوارع الأمريكية التي يعيش في سياقها، وفقّاعتها، رابرز مصريين كُثُر، متربصين ببعضهم البعض، ومن يلحق أخاه الرابر يُنكّل به، ويُسلّمه تسليم أهالي إلى الجمهور المتعصّب جدا، كأنه ألتراس خاص.

يقول بابلو في verse من تراك «أوزوريس»: «مفيش غير فلوس جوا راسي، فركة دايرة مع الڤودكا، لو فـ إيدك چوب باصي، بيني وبينكو ييجي ميل، You know I always keep it real، مبثقش فـ أي عرص، ملناش أسياد ملناش كبير، خرطوش وحي إزاز وفتيل، ومحدش ليه عليا جميل».

أرهقني سماع معظم تراكات بابلو، صاحب الجماهيرية الواسعة، حتّى بين الأطفال، وسبب الإرهاق أن كاتبُ المقالة، المتواضعة، يسمع عبده الحامولي، وموشحات محمد عثمان، وأغنيات الشيخ سيد درويش، والشيخ صالح عبد الحي ومحمد عبد الوهاب التي سُجّلت في النصف الأول من القرن العشرين، فما بالك به يسمع تراكات سريعة الإيقاع، غريبة الرموز والدلالات عن الأغاني القديمة التي أسمعها كل وقت.

ما علينا!، استوقفتني الثانية 57 من تراك «عايز فين» التي يشطح فيها بابلو عندما يؤدّي بطبقة صوته العادية: «صاحبي بنسخّن المناخ، بميلي روك ومش بَداب، الأب الروحي في التراب خلاص قربت أكون إله، ياه، ونجوم الليل في مقدوري إني أشلف لك، لو عايش متربص لي معايا مش هتسلك، فبلاش تشب عشان هتفضل مش طايل، عشان أنا في وضع الطيران فيا ريت ما ترنش ع الموبايل، صاحبي بنسعى هو ده اللي صاير».

ظلمتُ جاري بابلو. وجدتُها: «الأب الروحي في التراب خلاص قربت أكون إله». سمع بابلو هذا التراك قطعًا آلاف المرّات. سخرت منه عندما رفع صوته متفاخرًا بالرابر الذي اتخذ من لقبه الفني اسما له يناديه به الأطفال والصبية في الحيّ، والمدرسة. لديّ اعتقاد، شبه راسخ، أن مروان يسمع «بابلو» الآن في غرفته الشخصيّة مقلدًا حركات ملك الغابة، القريب من الإله.

ولمن لا يعرف، مثلي، ما هو «التراب»، أقول، إنه نوع موسيقىّ فرعي، ولد من موسيقى الهيب هوب في جنوب أمريكا سنة 1991 تقريبًا، حيث تنتشر فرق الراب وعصابات الشوارع التي تتجمّع في «بيت التراب»، وهو بيت مخصوص تروَّج فيه المخدرات والسلاح. وظهرت هذه الأنواع الجديدة من موسيقى «التراب» كتعبير موسيقى عن النفس من جانب الأمريكيين السود الذين يعيشون في فقر ويتعرضون للعنصرية من البيض، كل ربع ثانية على الأقل.

أدخلني، بابلو أكتوبر، زنزانة هذه المقالة، وضيّعني في متاهة البحث في سيرة وتراكات مروان بابلو العجيب، الذي  اعتزل الراب سنة  2019 عبر قصة مفاجئة، كتبها على إنستجرام، قال فيها ملك الغابة: «محدش يطلب مني أرجع تاني بعد إذنكم. أنا بتوب لربنا حاليًا وبتمنى من ربنا إنه يتقبلها مني، وياريت أي حد سمعني وصدّقني، يعمل كدا برضوا. ربنا يسامحني ويهديني ويثبّتني ويغفرلي».

عاد بابلو، بعد هذه التوبة غير المفهومة، إلى جمهوره المُستغرِب المنشكِح فرحًا، سنة 2021 بتراك مصوّر اسمه «غابة»، وهو نفس التراك الذي نصحني بابلو أكتوبر بسماعه ونحن عائدَيْن من طابور الفول والطعميّة. التراك وصل ستة ملايين مُشاهدة في أقل من 48 ساعة من صدوره على منصّات التواصل وموقع اليوتيوب.

يقول ال verse الافتتاحي للتراك: «السلام عليكم، إظهر يا مختفي، الصورة مش واضحة، بس مش هتفرق، فاكرينها بالحظ، جت عشان ببتسم، كل التماثيل هتتكسر، مش بمثل أنا مش ببتذل، أصارحك في وشك، أنا مش حتكسف، الشياطين عمالة تزن في ودني، كلامكو كله مثير للشفقة، أول ما جيت حلت البركة، طبقنا طابق على طبقك، دوا حقي دي مش صدقة، حلك مني عشان انت عطلة، مشفتكوش أيام الحارة، أيام ما سهرنا تحت المطرة، أيام الأكشن والإثارة».

انتهيت من سماع ومُشاهدة «غابة»، ولمّا انتهيت شعرتُ بكآبة وبرودة شديدتين، تشبهان مرارة دواء فولوموكس، المضاد الحيوي الخصوصي لعلاج البرد.

(3)

لايمكن لمستمع راب بَصْمَجي سَمَع (مُستجد) في موسيقى الراب، أن يتحول في لحظة ما، الآن، أو بعد 10 آلاف سنة، إلى واعظ، يقيّم ويُصدر الأحكام الأخلاقية، والنقديّة على مروان بابلو، أو أي رابر آخر، وحتّى لو لم أكن مستجدًا في الراب، وعندي دراية مثلًا، بأدوات التحليل، والنقد الموسيقي المُنضبط لهذا النوع من الموسيقى الجماهيرية، فلن أفعل، لأنني لست مهتمًا بنقد أحد، فالنقد مسئولية فنيّة لا أستطيع تحملها لتواضع خبرتي بالتحليل الموسيقي.

وإنْ، قدّمتُ، حتّى كمستمع خام مُنزعج، رأيا ناقمًا على حروب الدس التي تنشأ بين الرابرز وبعضهم البعض، أو بين الرابرز المصريين، وغيرهم من الأجانب (العرب والغربيين)، فإن لا أحد من الرابرز سوف يكترث لرأيي في موسيقى الراب، أو حروب التراكات.

وهنا، يورِد الناقد الموسيقى، ياسين زهران، مؤسس فريق «واي – كرو» مع عمر بوفلوت سنة 2004، في مقال له ما يوضّح وجهة نظري أكثر: «ينظر الكثيرون إلى الدس على أنه أحد يعطي صورة سلبية للراب والهيب هوب، متناسين أمرين، الأول هو أن الهجاء كان أحد أهم أنواع الشعر العربي ومارسه كبار الشعراء الذين نعتز بهم كالمتنبي، كما أن الجرير والفرزدق كان لهم صولات وجولات في هجاء بعضهم البعض. الثاني، هو أن لا يوجد رابر يكترث لهذه الأحكام الأخلاقية عما هو (بنّاء) و(هادف). وثالثا، هو أن القول بأن الراب له رسالة سامية ونبيلة فكرة ساذجة تمامًا».

في مقابلة مصوّرة لمروان بابلو، الأب الروحي للتراب في مصر، كما يُشاع عنه، يكشف لنا اللقاء المُصوّر، قبل خمس سنوات، أنّه إذا كان البعض يمارس الراب كهواية، فإن بابلو ينظر للراب كمستقبل وحركة تجريب، وهو مضمون ما قاله في مقابلته المصوَّرة: «نفسي أعيش 200 سنة قدام تانيين. فاهم؟ أشوف التطور بتاع البشرية هيوصل لفين؟ الناس بتتبـضن إن الدنيا بتتطوَّر، ويقولوا أيام زمان، ودايمًا زمان أحلى… زمان مش أحلى خالص على فكرة، بالعكس… دلوقتِ أحلى، دلوقت أسهل».

نجحت، الشركات، في اختراق عالم الراب والتراب، لجذب الرابرز البارزين، في أعمال تجاريّة، وقد نجحت في جذب ويجز مثلًا، ومروان بابلو، إذ نجد مثلا بابلو في تراك «بواكيز» يؤدّي: «مش هستنّاكي، دماغي ما فيهاش غير البواكي (آلاف الجنيهات)»، بينما يقول ويجز في تراك بعنوان «هصلا»: «لما تفتح معايا تقول أرنب (مليون) مافهمش الباكو (ألف)»، ربما كان يرد على مروان بابلو.

لا أتخذ موقفًا عدائياً من الراب، أو مروان بابلو، لكنني غير مُنسجم، كسمّيع، مع نصيحة بابلو أكتوبر بضرورة سَماع تراك «غابة». البارات  في تراك «غابة» فارغة من أي دفء، بل وعدائية بشكل هستيري لكل ما هو آخر، غير بابلو طبعًا. فروح زعيم عصابات الشوارع «التراب»: الضحيّة/ المُنتقِم/ المثالي/ صديق الله، تسيطر على أداء بابلو التمثيلي والصوتي في هذا التراك، إذ يقول في فيرسات متوالية حتّى نهاية التراك: «أقتِلهم واحد وراء واحد، زي final destination… صاحبي الدنيا دي ما بتنصرش البرئ، ياه، عشان البشر جم وسنّوا القوانين ياه، تقع تاني تقوم وتقول هل من مزيد ياه، آه ده الموضوع وديا الغريزة، بإيدك وسنانك وما تحلش الفريسة، وفي قلب الوحل لازم تلاقي الميزة، بقينا عايشين أكننا جوّه…. غابة، غابة، غابة، غابة، غابة».

بصراحة شديدة، لا أعرف لماذا لا يكتب أحد أصدقاء مروان بابلو كلمات التراكات التي يؤدّيها؟ الغريب هنا، أنني، علمتُ علم اليقين، أنّ الرابرز المصريين، وربما العرب والأجانب، يعتزّون بذواتهم اعتزازًا فظيعًا غير مفهوم، وغير مُبرر فنيّا، بالنسبة لي، لدرجة أنه من العيب أن يكتب شخصٌ موهوبٌ ما لأي رابر كلمات تراك، إذْ يكون الرابر ساعتُها مثار سخرية من الرابرز الآخرين في تراكات دِس. ودِسْ، للمستجدين أمثالي، اختصار لكلمة disrespect، باللغة الإنجليزية، وهو تراك هجومي وكاسح كالأسلحة النووية بالضبط! ومع هذا كلّه، هناك تراكات دِسْ أقرب إلى المنافسة في حلبة مُلاكمة، حيث يسلّم الفائز على المهزوم بروح رياضية.

خطــ٣٠ // تنشر وفق الحقوق المفتوحة Copyleft

(4)

ظللتُ متضايقًا لأيام لأنني لم أكن أعرف من هو مروان بابلو، فأنا دقّة قديمة في سماع الموسيقى المصرية، لكن أنا، قلبًا وقالبًا، مع حرية بابلو أكتوبر في سَماع ملك الغابة، ومع حرية بابلو الإسكندرية، وغيره، في التجريب الموسيقي أينما شاءوا ومتى شاءوا، لكن لي ملاحظة نفسية واحدة، تتمثّل في أنني ضد طاقة الكآبة العالية والذكورية الفجّة وحالة الانتقام من الآخر، أي آخر، معنويًا في تراكات الرابرز المصريين، ومنهم بابلو. فأنا لاحظتُ حالة عنف لفظي فادحة، في تراكات دِسْ  بين رابرز مصريين كُثُر. حتّى تراكات الدسّ تلك، أنا معها، إذا كانت في سياق مُنافسة فنيّة مشروعة أو تفريغ مشاعر داخل تراك، وحتّى لو كنتُ ضد بعضها، فهذا مجرد رأي، لا يقلّل منها أو يمنع وصولها إلى ملايين وملايين من الناس في مصر والعالم، وطبعا لا يمنع وصولها هاتف بابلو حدائق أكتوبر، وهاتفي.

خرجتُ، بنتيجة أخرى، عن جمهور الراب في مصر، بعد مرمطة التحضير الفاشل لهذه المقالة، وهي أن هناك حالة عُزلة خطيرة بين النخبة الثقافية الرسمية في مصر، وموسيقى الراب في البلد، خصوصًا غالبية جيل الأربعينيين أمثالي، ومن هم أكبر منّي سنًا، إذ أنّ غالبيتنا، تنظر إلى موسيقيي الراب، نفس النظرة التقليلية التي نوجهها إلى تراكات موسيقى المهرجانات التي نسمعها بالصدفة، ونحن نركب التكاتك في حواري المناطق الشعبية.

النتيجة الأهم، بالنسبة لي كمتلق سطحي للراب، هي أن الراب أو التراب أو الهيب هوب له جمهوره الواسع في مصر، والتراك عند الرابرز والجمهور، في آن واحد، شبّاك لاكتشاف الذات، والحريّة والشارع والسياسة والفقر والحب والجوع والأمل والغدر بين الصُحاب (الأصدقاء)، وطالما كان هناك جمهور واسع يتبنّى تراكات مؤديي الراب والتراب في مصر، فإن الحق الأساسي في مسألة الاعتراف أو التبنّي أو التخلّي عن الرابرز تقع على عاتق الجمهور.

(5)

التقيتُ جاري مروان بابلو، في البارك، قبل عدّة أيام، في ملعب البارك المجاور لعمارتينا مع أطفال وصبية الحيّ. سلّمتُ عليه، وعرّفتُهُ، ضاحكًا، أنني، وبالصدفة البحتة جدًا، سمعت تراكات معينة للأسطورة، ملك الغابة مروان بابلو، الأب الروحي للتراب في مصر.

ضحك بابلو معتزّا بنفسه، وبلقبه المُستلهَم، وسألني على الفور:

– صدّقتْ يا عمّو آدم إن بابلو قرّب يكون إله!؟

صمت رهييييييييييب منّي، وشعور بحقيقة أنّ هناك مسافات كبيرة تفصل بين جيل بابلو أكتوبر، وجيل z والجيل التالي، وبين أمثالي من السمّيعة المحمّلين بأحكام أخلاقية/انطباعيّة جاهزة عن الراب وموضوعات التراكات، ولغة وطريقة تفكير وتعبير الأجيال الجديدة عن نفسها.

باصي الكورة يا بابلو!