fbpx

هلق لما الواحد يطبخ أو يوكل أهم شي شو؟

هو طبعًا حاسة الذوق وحاسة الشم والنظر طبعًا يعني

إحنا ما بدنا ننسى النظر بالموضوع لانه من أهم الأشياء

ليه؟

لانه مثل ما انت قلتي بالأول شكل الصحن وشكل الطبخة

شكل ال steak لازم يكون perfect 

شكل السلطة لازم يكون حلو

هذا يامن. شاب فلسطيني مقيم في برلين 

هلق وانت بدك تشبعي هاي الحواس أهم شي يعني

يعني ما بنفع تشبعي حاسة معينة وتتركي الثانية

أول ما وعيت ع الدنيا بتذكر حالي انه فاتنة ما بتاكل

مع اني كنت آكل زعتر كل الوقت

وهاي فاتنة. صديقة سورية كمان مقيمة في برلين

بس دائمًا كانت هاي المشكلة حاضرة

ع الأقل بحياتي

وأكيد بعلاقتي مع أهلي خصوصًا وقت كان يصير وقت الغدا

اللي هو هذا أكثر وقت بتتأزم فيه المشكلة

وتبع هيك بمسك الخبزة وبقصقصها

وبحطها بزوم البندورة وباكل غصبًا عني وأنا رح موت

وأنا ميسان. بالنسبة إلي، ما في شي أجمل من الطبخ

أنا مش عم بقول هيك بس لأني بمارس الطبخ كمهنة

بس لأنه وأنا أطبخ مخزوني الحسّي كله بيفيق

كثير بعطي أهميّة للمكونات، لكن مش بس بسبب طعماتهن

إنما ألوانهن كمان، ملمسهن، قوامهن وكيف بينسجموا في الطبخة

أنا مع يامن في مطبخه، وهو عم يطبخ steak وبازيلا وسلطة

على فكرة هذا زيت من عنا، من أرضنا

بدي أشمّ بنفع؟

هاي القديمة اذا بدك بفرجيكي الجديدة

هاي وصلتني قبل أسبوعين

هلق اذا حابة تجربيه، بحرق شوي بس

شوي

يعني من كفر ياسيف؟

من فسّوطة (قرية في شمال فلسطين)

من حوالي سنة، إجت فترة على يامن ما كان يوقف في المطبخ هيك ويتسلى بالطبخ

بعد ما إجتله كورونا، فقد حاسة الشم والذوق لمدة شهر تقريبا

عندي أنا راحت حاسة الشم وبعدين انتبهت انه عم بتروح كمان حاسة الذوق

وبتخيّل كمان انه انا راحت عندي تدريجيًا وأنا مش حاسس

يعني يمكن كانت رايحة مني يومين وأنا مش عارف

بتعرفي كأنه في ذاكرة في المخ

على كل شي انت بتعمليه على كل شي انت بتوكليه أو بتشربيه

وفجأة يعني عنجد راحت

وصرت أشرب القهوة الصبح وما أحس فيها

وبطّلت أشمّ ولا شي، أبدًا، زيرو

حسّيت إنّك بتستند على الحواس الثانية اللي ظلّت شغّالة؟ زي سمع ونظر؟

طبعًا، بالطبيخ كمان بتصير

بعملية الطبخ يعني انه الحاسة الوحيدة اللي ممكن أعتمد عليها هي حاسة النظر

بالنهاية أنا لا عم بشمّ ولا عم بعرف أذوق شي

ف بتظل بس حاسة النظر

بس كانوا الحواس هذول يعوّضوك عن الشم والذوق؟

لأ، أبدًا

فلهيك يعني صرت مأعذبش حالي

لإيش أطبخ يعني؟ شو الفايدة؟

صرت أنزل وأجيب رغيف فلافل وخلص انتهت القصة

أو نعمل سلطة، صرنا نحاول ع القليلة اذا مش عم

نستطعم بالأكل ف منوكل اشي صحي

اللي منعرف انه صحي.

انه صفّى الفلافل زي الشوارما زي السلطة

كله صار نفس الشي اه. كثير تجربة غريبة

من أصعب التجارب الصحية اللي عشتها على فكرة

الزعتر جاهز

الريحة وهي العلبة مسكّرة.. آخ

كان في محل وما زال اسمه سوق البزورية بالشام

كنت رحله كل يوم جمعة الصبح بس إمشي لشمّ

بس هذا يعني الهدف

أنا مع فاتنة في مطبخها

برّا ثلج، بس جوّا ريحة البهارات معبيّة المكان

مع إنه فاتنة من زمان عندها علاقة كثير مركّبة مع الأكل

من لمّا كانت صغيرة. 

ملمس الأكل بثمّي، وقت مثلا أهلي بدك تذوقي هالشغلة

بدك تذوقي هالأكلة، لأ طيبة لأ مدري شو

وقت يحطولي الأكل بثمّي غصبًا عني يعني

مثل اللي حاطط بثمّه حلزونة

يعني بتذكر هذا الشعور كثير منيح

لسنين طويلة، فاتنة ما كانتش تاكل تقريبا

بدون أي سبب واضح

يعني أنا عندي 9 عمّات

رح ضل احكي على عماتي لانه كثير هن

طبعًا بيعملوا أكل وبخيّطوا ف كثير مشغولين بهي التفاصيل

اللي بيستمتعوا فيها

يعني أنا ما عندي هالمتعة

هلق عن جديد عم تصير عندي هالمتعة

بس قبل انه شو اسمع حدا عم بيقول انه متمنّي آكل هالأكلة

أو أعمل هالقصة

ليش العالم مشغولين بالأكل يعني؟

انه أنا صير فكّر مثلا هيك بين ال20 وال25

وقت صرت ادرس مسرح بالشام

انه انا كيف بدي اختصر هذا الوقت كيف بدي خلّيه مو موجود

لانه عم ياخذ من وقتي، يعني ما بدي اياه اصلا، ماني بحاجتها

خلص الواحد يحط ساندويشة مسبحة، حط مرتديلا

وخلص يعمل 5 ساندويشات ياكلهن باليوم ولا تقوليلي وقفي واعملي

الطريقة إللي فاتنة اتغلبت فيها على مشكلتها مع الأكل

بتحكيلنا شوية عن إنه الأكل مش مذاق وبس

الأكل إشي مركب بتتفاعل معاه كل الحواس

وغير الحواس الخيال، والهوية، والذاكرة 

أنا شخصيا لما أطبخ، بنصت للأصوات

ومرّات كثير بحطّش موسيقى وأنا عم بطبخ

عشان بستمتع وأنا أسمع الأكل عم ينطبخ

وصوت السلق غير عن صوت القلي

غير عن صوت الشوي وغير عن صوت التحميص.

وفي طبخة معينة في أكثر من صوت،

وهذا اللي بخلّيني أستغني عن الموسيقى

يعني تخيّلي المستمع مش رح يجوع على الصوت

رح يجوع ع النظر لانه بيكون شايف شو عم بصير

أنا التحدي تبعي انه يجوع ع الصوت

يعني انا بدي انه يجوع ع الصوت..

اسمع..

أنا هذول مبهّرهن وحاطط عليهن ملح وزيت زيتون من شي ساعتين تقريبًا

يامن إسا بعد الكورونا رجع يطبخ ويستمتع بالطبخ وبالأكل طبعا

بس بعملية الأكل كمان في شغلة كثير مهمة اللي هي حاسة اللمس

اللي احنا العرب كثير منستعملها

يعني شوفي الأجانب بيوكلوا بالشوكة والسكينة

وما بيلمسوا كثير الأكل نفسه

ف إحنا لأ، إحنا منوخد الخبزة، منمسكها بالإيد ومنبدا نغمّس

فكمان هاي كثير مهمة ولليوم أنا بعملها كل الوقت

وفاتنة؟

فاتنة اليوم طبخت محمرة وعملت زعتر

كانت طول الوقت تضحك وتدندن وهي بتطبخ

ولما بتشرحلي الوصفات، بتحكي مثلها مثلنا بالضبط

بتعرفي فطاير المحمرة؟ بتل الذرة بسوريا أو بمنطقتنا هي أساسية

أو دبس الفليفلة. أهم اشي عندي السمسم

طبعًا لازم تكون حدّة وفيها شوية بصل، بس بكثرلها سمسم

انه انا ما كنت اتخيّل بحياتي اني آكل بصل مثلا، وبصل مشوي..

هلأ بحس انه هو اللي بيعطي للأكل أصلًا طعمة،

بغيّر اذا محروق شوي

ولا.. انه الواحد يستمتع بهاي الاكتشافات الصغيرة، هذا هو اللي فرق عندي

اليوم، فاتنة لاقت طرق تتحايل فيها ع مشكلتها القديمة مع الأكل

ونجحت انها تبني علاقة جديدة مع أصناف معينة

علاقة بتحيّد النواحي الإشكالية مثل الطعم أو الملمس

وبتركز على حواس ثانية مثل النظر والشمّ

يعني كان في ظروف بتخلّيني اتشجع اني آكل

مثلا تبولة انه براس السنة مثلا عمتي كيف بتنقّي البقدونس

وكيف عم بتصفّه هيك جنب بعضه

وعم شمّ ريحة البقدونس خلّتني أعمل هالخطوة تجاه اني آكل تبولة

يعني من دون بندورة هيك قلّع البندورة على جنب

واستغربت بتذكر طعمة البقدونس انه عنجد أنا بدي آكل هذا الشي

اللي عم يعمل هيك بثمّي مدري شلون

يعني الملمس كثير كان اله دور بحياتي بعلاقتي مع الأكل

يعني هاي مدري شو قرطة السبانخاية مو مستوية والمدري شو عملت هيك

فاتنة مع الوقت مش بس صارت تحب تطبخ

كمان صارت تصوّر فيديوهات لأكلات معيّنة وتنشرها على انستغرام على أنغام صباح فخري

صارت العملية ممتعة بالنسبة إلها

واو، بشهّي مبيّن

هذا الشي اللي بيقولوا عنه comfort food هذا اللي بيعملّي إحساس بالراحة أكيد

الصراحة يعني كمان جاي أسجّل معك وكمان خلّيتك تطبخ

هاي عشان تعرفي قديش أنا بحب الطبخ، صرلي يومين أفكر شو أطبخ شو أطبخ

كم حاسة يوقظ فينا الطبخ

الطريقة التي تغلبت بها فاتنة على مشكلتها مع الطعام تخبرنا أن الأكل ليس مذاقًا وفقط، بل أيضًا هو معملٌ للحواس والخيال والهوية والذاكرة
ــــــــ الطعام
12 يوليو 2022

كثيرون لجؤوا إلى الطبخ في فترة الحجر المنزلي، للحاجة البيولوجية الأولى وهي الأكل ولأن الكل صار يصنع أكله بيده، ولكن أيضا لتقضية الوقت في تجربةٍ تجعل من يطبخ ينهمك بحواسه كلها في العملية.

في نفس الوقت، منعت أعراض الكورونا الكثيرين من هذه المتعة، مثل “يامن” الذي فقد حاستي الشم والذوق لأزيد من شهر، فوجد نفسه يطلب أي أكل من الخارج مادامت قد تساوت جميع الأذواق.

آخرون، مرّوا بتجربة فقد الشهية والذوق منذ الطفولة، فمثلًا لا تجد “فاتنة” متعة في الطعام الذي كان أهلها يجبرونها على أكله، وظلّت تتحسّس مما تأكل ولا تهتم بالعملية كلها.. حتى مؤخرًا، عندما اقتربت من المطبخ وبدأت في تفكيك علاقتها المركبة مع الطعام.