fbpx

أرشيفات صغيرة.. ربما هنا التاريخ الحقيقي

جربوا أن تفتحوا الأدراج والصناديق المغلقة، أعيدوا قراءة صور آبائكم القديمة و أوراقهم ،ستدهشون من كم المفاجآت والتفاصيل كلما أمعنتم النظر
ــــــــ البيت
28 مايو 2024

لا تفارقني ذكرى أبي وعمتى. كلاهما كان يسجل و يحفظ تاريخ العائلة بطريقته، ولكن ماذا يهم في قصص السابقين؟

لا أعرف، ليس لدي إجابة محددة.. يقال أن التاريخ يكتبه المنتصر، وأنا على قناعة أن التاريخ الحقيقي يحكيه أرشيف العائلات، تلك الأحداث البسيطة كأعياد الميلاد والتجمعات في خطبة أو عرس، أحداث تتكرر في كل بيت ولكنها في النهاية تصنع نسيج المجتمع وتشكل قصصه وعاداته وتقاليده. القصة لا يجب أن تكون ملحمية حتى تروى، فأصغر التفاصيل يزداد أهمية مع الوقت.

مع جداتي في منزل جدتي لأمي، يبدو أنهم بعد الأبيض والأسود طبعوا نسخة جديدة ملونة

أبي كان يحمل كاميرته الخاصة، حرص على تسجيل مناسباتنا العائلية؛ المصيف، أول يوم في المدرسة، وهكذا. اهتم بتحميض الأفلام والمحافظة على النيجاتيف والصور معًا. وأجدني أمشي على نفس طريقه؛ أهتم بتوثيق اللحظات المميزة في حياة أولادي وعائلتي وأصدقائي، أجمع الصور في ألبومات مناسبة و أرتبها في مكتبة غرفة المعيشة كما كان يرتبها بعناية في مكتبة الصالون في بيتنا القديم. مع بداية 2005 امتلكت أول كاميرا رقمية، عندها اختلف شكل الأرشيف، وأصبحت وسائط تخزين الصور هي كروت الذاكرة والأقراص الصلبة والمدمجة.

1978 أنا وأبي…كثيرًا ما أجدني أكرر أفعاله.. أحيانًا حتى الإيماءات

صورة زفاف لجدي حسان، أنهارت بسبب الزمن ، قصدتني أصغر عماتي لإصلاحها وترميمها لأني في رأيها الأكثر خبرة في العائلة في شؤون الصور و التصوير.

هل نقل الصور لألبومات جديدة يعتبر خيانة لرائحة الزمن؟

بعد وفاة أبي لم نختلف أنا و شقيقتي على إرث مادي، لكن شد وجذب على من ستحتفظ بهذه الثروة من الصور. أقنعتها أني الأنسب لوظيفة الأرشفة التي تقتضي إعادة ترتيب الصور وحفظها في ألبومات جديدة وعمل نسخ رقمية من الصور لتكون متاحة للجميع مع المحافظة على الأصل.

أعوام قليلة بعدها توفت عمتي الكبرى، كانت بمثابة أم ثانية لي، وأنفتح لي كنز من الصور التي كانت بحوزتها، حكايات عن أيام منسية من حياتها، صور عليها معلومات بخط إيدها وأخرى كنت أتمنى لو حكت لي الحكاية قبل أن ترحل، صور لجدي وجدتي في مراحل مختلفة من حياتهما لم أراها من قبل، من ضمن أوراقها وجدت كراسة شجرة العائلة. مثل عائلات مصرية كثيرة، نشأ مؤسس الأسرة في بلد، وبعده تفرق أولاده و أحفاده في المدن. عمتي كانت تحب أن تربطنا بالأعمام والأقارب عن طريق قصة شجرة العائلة، تحكي لنا من تزوج من، وكم أنجبوا، و من سافر، ومن زال على قيد الحياة، و من رحلكانت تدون كل ذلك في كراسات.

أتأمل الأوراق والصور وذكريات الراحلين وبداخلي رغبة شديدة في استكمال المهمة من بعد أبي وعمتي، الحفاظ على ثروة العائلة و حكاياتها البسيطة ، أن أحكيها لأولادي وأصنع معهم ذكريات و قصصا جديدة يروونها بدورهم.

جربوا أن تفتحوا الأدراج والصناديق المغلقة، أعيدوا قراءة صور آبائكم القديمة و أوراقهم ،ستدهشون من كم المفاجآت والتفاصيل كلما أمعنتم النظر.