عندما تقتلع شجرة، تترك مكانها فراغًا، ليس فقط في الشارع، لكن في داخلنا أيضًا، بقعة جرداء، لكنها لا تبقى خالية، تمتليء مع الوقت ربما حزنًا، ربما غضبًا.. ربما عنفًا
مرة، كنت أمشي في الشارع، كان الوقت ظهرًا، وشمسالقاهرة لا ترحم، في الشارع كان هناك جزء تظلله الأشجار، والباقي لا، عندما انتقلت من تحت الشمس إلى الظل اختلفت درجة الحرارة، أعرف أن الأمر ليس اكتشافًا، لكن لا أعرف لم تستمر عملية إزالة الأشجار من مختلف شوارع وميادين المدينة.
يقولون إن المساحات الخضراء تساعد على توازن درجة حرارة الكوكب الآخذة في الارتفاع، أسمع أخبارًا من حين لآخر عن مؤتمرات دولية تقام في مدن مكيفة الهواء وتنتهى بتوصيات تخص ضرورة العمل على خفض الانبعاثات الحرارية، لكن تختفيالأشجارهنا واحدة تلو الأخرى.
يقولون أن الإنسان عندما يرتبط بالطبيعة تتحسن حالته المزاجية والنفسية، بل أنهم يربطون مؤشرات سعادة مجتمع ما بمدى اتساع المساحة الخضراء التي يعيش فيها ذلك المجتمع. الطبيعة التي يتحدثون عنها ربما هي شاطئ نهر، ربما هي حديقة متسعة، ربما هي أيضًا شارع تظلله الأشجار، ربما هي أشياء أخرى متعددة، لكن عندما أتحرك، أحيانًا ألاحظ بقايا لجذوع أشجار تم اقتلاعها وأُلقيت علىجانب الطريق.
عندما تقتلع شجرة، تترك مكانها فراغًا، ليس فقط في الشارع، لكن في داخلنا أيضًا، بقعة جرداء، ومع تزايد نسب اختفاء الأشجار، تتسع تلك البقعة، لكنها لا تبقى خالية، تمتليء مع الوقت ربما حزنًا، ربما غضبًا، ربما عنفًا، ربما مشاعر أخرى، ليس بالتأكيد مشاعر جيدة، والمرعب أكثر أننا لا نعرف كيف تخرج تلك المشاعر، وهي ستخرج بالتأكيد فلا يمكن أن تبقى محبوسة طوال الوقت، لكنها تخرج فيانفجارات، عادة ما تحدث دون أن نشعر، غير أنها تحدث، لذا تبقى المدينة ملتهبة دائمًا، عنيفة أكثر، متجهمة طول الوقت.
ماذا يمكن أن أقول أكثر؟ ربما كان يمكن أن أتحدث عن أشياء أخرى.. لو كانت هناك أشجار.