لا تتوقف القاهرة عن إشعاري بأني مفصول عنها، لست وحدي ولكننا جميعًا كسكان مفصولون عنها، مدينة في حالة تبدل مستمر، هدم وبناء وإزالات وإحلالات وتوسع لا يستطيع أحد استيعابه، يصنع بأذرع جبارة لا تلتفت لأي شكل من أشكال المساحات التي يمكن أن يتحرك فيها البشر،المهم زرع المدينة بكتل خراسانية بلا روح مجرد شكل وظيفي لا أكثر لتتبدل هوية المدينة وتتغير لشيء يزيد إعتمامًا مع مرور الوقت.
***
يدي اليمنى هي هويتي البصرية لدى الناس، أظن أنهم يتذكرونني بها أكثر مما يتذكرون شكل وجهي، فقد ولدت بما يسمى طبيًا “متلازمة سرطان البحر” في ذراعي الأيمن. لم أكن أشعر بشيء تجاهه، أو بشكل أكثر دقة لم أستطع حتى الآن تحديد علاقتي بهذا الجزء من جسدي، أتحرك مع كفي، لكن أخفيه إذا ما تم التقاط صورة لي مع آخرين، أسلم به على الجميع، لكن لا يظهر في صوري الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، لم أعلم لماذا أفعل ذلك. هل يدي شئ قبيح بالنسبة لي؟ ثم بدأت في ملاحظة أنى أستطيع أن أراها منفصلة عن باقي جسدي وحينها شعرت بحالة الفصل المعنوي بين جسدي ويدي اليمنى.
وأفكر كثيرًا في العلاقة بين ذراعي وبين المدينة.
***
ما هو الجميل وما هو القبيح؟ سؤال لا يتوقف عن الدوران في رأسي، ولم استطع الإجابة عليه بشكل قاطع حتى الآن. أعرف أن الأمر يختلف من شخص لآخر، ولكن أيضًا أسأل نفسي عن “جمال القبح” إن جاز التعبير. أعرف أيضًا أن ما يحفزني للعمل سواء في الفوتوغرافيا أو في التشكيل هو الأشياء “القبيحة“، أحمل كاميرتي وأتجول في الشوارع سيئة الإضاءة ليلًا والتقط الصور لتلك الزوايا المهملة التي تغطي المدينة، حيوانات الشارع المتعبة، المحاولات الرديئة لتزيين المكان، تحفزني تلك التفاصيل على العمل والتفاعل معها.. وعادة ما أسمع جملة “أعمالك صادمة” من العديد من المتلقين، هل هذا اللقاء الصادم ما قد يدفع إلى إقامة علاقات جديدة مع الأشياء؟ مع المدينة؟ مع يدي اليمنى؟.. ربما.