fbpx

ملاحظات عشوائية عن تماثيل بيروت

هل من شخصية معاصرة في حياة اللبنانيين اليوم تستحق تمثالًا؟ لماذا ليس هناك نصب لضحايا المرفأ؟ أو للمختفين؟ أو حتى نصب للبنانيين العاديين بينما يخوضون ملحمتهم اليومية؟
25 يوليو 2023

يقول لنا التاريخ القريب إن وجود التماثيل مؤقت، حتما سيأتي من يهدمها أو على الأقل يشوهها، يجدع أنفها أو يجرها بحبلٍ أو يبول عليها وفي أضعف الحالات يغطيها. الأصل أن لكل تمثال من يكرهه، حتى لو كان في آخر العالم، ولو كان بوذا.

في لبنان أكثر من 500 تمثال يشغل الفضاء العام، معظمها في بيروت، عدا عن التماثيل الدينية الصغيرة في الضيع والقرى البعيدة.

بيروت مأهولة بالتماثيل والمجسمات التي تخدم أغراضًا مختلفة، بعضها سياسي وبعضها فني أو تاريخي والكثير منها ديني؛ وهذه الأخيرة قد تكون كبيرةً ومعروفةً حتى أنها أصبحت تعريفًا بلبنان سياحيًا مثلما هو الحال مع تمثال سيدة لبنان أو تمثال المسيح الضخم أعلى تلة في ترشيش والذي يبلغ ارتفاعه 42 مترًا.

وقد تكون التماثيل الدينية أيقونات ومجسّمات صغيرة ومطمئنة بين البيوت كتماثيل العذراء والقديسين التي يضعها أفراد على مداخل الأبنية أو بين الأحياء في زاوية ظليلة محاطة بالشموع والأغصان. هناك أيضًا تماثيل المقابر الناحبة بما فيها من عصافير وملائكة وقديسين بأجنحة وأزهار تعتلي الشواهد.

هناك كذلك عشرات الشخصيات السياسية المجسدة بمنحوتات متفرقة في المدينة وهي شخصيات يمتد تاريخها إلى الاستقلال؛ بشارة الخوري، رياض الصلح، وصولًا إلى رفيق الحريري وسياسيين آخرين كثر. بماذا يريد من يقيم التماثيل السياسية في المساحات العامة أن يذكّرنا؟ الزمن الجميل أيام الخوري، مكان اغتيال الحريري؟ كيف تُجسّد السلطة في تمثال؟ ما الذي يقوله أي تمثال عمّن يجسده؟ هل ينقل التمثال قيم الزمن والأشخاص الذين يمثلهم؟ ما علاقة التمثال بالهوية؟ ما شأنه بالذاكرة؟

 

لا تحضر المرأة عادة كشخصية سياسية أو ثقافية بين التماثيل، يوجد تمثال واحد لمي زيادة في بلدة شحتول على ما أظن، بينما هناك أكثر من واحد لجبران خليل جبران، ومن الغريب أن ليس هناك تمثال لفيروز، رغم أن المرء قد يتوقع وجوده. حضور الجسد المؤنث في التماثيل المنتشرة في الفضاء العام معظم الوقت إما أن يكون دينيًا أو جماليًا، فهي القديسة والعذراء، وهي صاحبة الجسد السنتمتري الفاتن في واجهة إحدى البنايات.

 

هل من شخصية معاصرة في حياة اللبنانيين اليوم تستحق تمثالًا؟ لماذا ليس هناك نصب لضحايا انفجار المرفأ؟ أو للمختفين؟ أو حتى نصب للبنانيين العاديين بينما يخوضون ملحمتهم اليومية؟

 

*النص المصاحب للقصة الفوتوغرافية من إعداد فريق تحرير خطــــ ٣٠