fbpx
خطــ٣٠ // تنشر وفق الحقوق المفتوحة Copyleft

موتى وأحياء في الطريق من الجنينة إلى أدري

تسمى نقطة التفتيش كمينًا، حيث الأسئلة فخاخ، وهي ليست كثيرة، هناك سؤالين فقط: في أي حيّ تسكنين؟ وإلى أي قبيلة تنتمين؟ وعند إجابتهن عن الأسئلة سينظر في أمر عبورهن. يعلم الجميع مصيره جيدًا، الكذب ليس أفضل الحلول إذ يمكن اكتشافه بحركة أو غلطة
ــــــــ جسدــــــــ حدود
9 نوفمبر 2023

بعد تسعة أيام من اندلاع الحرب في الخرطوم، 15 نيسان (أبريل) الماضي، وصل العنف إلى “الجنينة”، مدينة زراعية تبعد عن العاصمة 1200 كيلومتر أقصى غرب السودان. لم يكن من السهل الوصول إلى أخبار يمكن الوثوق بها عمّ يحدث هناك. التغطيات في المحطات المختلفة مسيّسة وموجهّة نحو المدن المركزية، أما الأخبار المتناقلة على السوشيال ميديا فلا يوجد ما يؤكدها أو ينفيها. 

أحدهم كتب على صفحة في فيسبوك عن أربع نساء من “الجنينة” هربن إلى مدينة “أدري” في تشاد، وما أن وصلن حتى وجدن صغارهن الأربعة موتى على ظهورهن. لم يكن ممكنًا ترك هذا البوست يمر هكذا دون تحقق. لدى التحدث مع صاحبه أحال إلى شخص آخر وهذا قال إنه عرف من شخص آخر ثم آخر، إلى أن انتهت السلسلة عند الصحفية صفية إسحق آدم التي تكفلت أن تنقل الأخبار من داخل الجنينة إلى الفاعلين في صفحات مختلفة من بينها “رابطة أبناء دارفور”.

قصة صفية إسحق آدم 

هربت من الجنينة بعد أن تعرضت للتهديد والاعتداء من قبل مسلحين، وسبق فرارها مباشرة اقتحام لمنزل عائلتها بحثًا عنها. لجأ والدها إلى جاره العربي الذي بإمكانه التنقل والدخول والخروج دون أن يتعرض إلى الخطر. اشترط الجار أن تخفي صفية وجهها وأن تخفي معه لكنتها وجواز سفرها، دسّت الأخير بين ملابسها وحافظت على صمتها لكي لا يتعرف أحد من لهجتها على أنها من قبيلة المساليت، وبدا أن هذا كل ما يمكن الخروج به. 

كانت صفية مصدر قلق وخطر على عائلتها والمحيطين بها، فهي ليست صحفية فقط، بل صاحبة صوت عالٍ تنظم احتجاجات، وتتحدث عن حاجات النساء وحقوقهن، وفوق كل ذلك فهي من قبيلة المساليت .

ظن الجميع بمن فيهم عائلة صفية، أن الأحداث ستمر كما مرت قبلها أحداث، النزاعات التي تتواتر على المنطقة بين الحين والآخر، وكل ما عليهم فعله هو إخراج ابنتهم والانتظار إلى أن تهدأ الأوضاع لتعود مجددًا إلى الجنينة .لكنهم اخطأوا هذه المرة، و في خلال أيام من وصولها تشاد علمت صفية بأن العنف غمر مدينتها، وأنه لن يتوقف حتى يهجّر أهلها.

ساعة النزوح 

ما بين السادسة والسابعة بعد صلاة المغرب، وصلت أخبار مقتل والي ولاية غرب دارفور السودانية، خميس عبد الله أبكر يوم 14 حزيران (يونيو). انتشر فيديو التصفية، حيث ظهرت جثة أبكر مطروحة تحت أقدام مسلحين، وشعر المساليت بعد ذلك أنهم لن يبيتوا ليلة واحدة في الجنينة.

مدينة “الجنينة” أو “داراندوكا ” هي أرض قبيلة المساليت، التي حُكمت تاريخيًا ولفترة طويلة بنظام الإدارة الأهلية تحت إمرة سلطانها الأول محمد بحر الدين الملقب بـ أندوكا، يعيش في تلك الأراضي إلى جانب المساليت قبائل ومكونات مختلفة وافدة كانت متناغمة وتعيش في سلام، قبل أن تتشظّى بين النزاعات الطويلة وتمتلئ ذاكرة أهلها وأرضها بالندوب. لم يلبث جرح “الجنينة” أن يلتئم منذ الصراع الأخير في نيسان (أبريل) العام الماضي والذي راح ضحيته أكثر من مئتي قتيل، فسرعان ما تحولت شرارة حرب قائدي الجيش وقوات الدعم السريع إلى حرب وافدة من الخرطوم لتدمر حياة أهل الجنينة من جديد وتسحق المدينة بالكراهية والعنف.

 تسارعت الأحداث لتصل الى ذلك المنعطف الخطير، حيث أخذت المليشيات العربية والموالية لقوات الدعم السريع في المنطقة باستهداف رؤوس وأعيان المساليت، وتفشى الذعر داخل الأحياء الجنوبية وغالبية سكانها من المساليت، واجتمع الرأي على أن التوجه غربًا هو الحل الأمثل للخروج من المدينة .

تلك الأثناء، أصبح تواصل صفية مع عائلتها ضعيفًا، لكن تلقيها آخر التطورات كان كافيًا لأن تتصور حجم الكارثة المقبلة. و علمت أن قبيلتها على موعد من هجرة قسرية قاسية، فذهبت وانتظرت بجانب المركز الصحي حيث يصل النازحون، لم تكن تعرف كيف ستقدم المساعدة ولكنها كانت تعلم جيدًا أن هناك من سيكون في حاجة إليها.

عبور نقاط التفتيش 

تسمى نقطة التفتيش كمينًا، حيث الأسئلة فخاخ، وهي ليست كثيرة، هناك سؤالين فقط: في أي حيّ تسكنين؟ وإلى أي قبيلة تنتمين؟ و عند إجابتهن على الأسئلة سينظر في أمر عبورهن. يعلم الجميع مصيره جيدًا، الكذب ليس أفضل الحلول إذ يمكن اكتشافه بحركة أو غلطة.

الغرض الأساسي من التوقيف هنا ليس التحقق من هوية مسافرات أو مسافرين، حيث يتعرض كل من يكتشف أنه مسلاتي أو مسلاتية للضرب والإهانة وربما القتل، بينما تواجه النساء العنف الجسدي والتحرش وإمكانية الاغتصاب.

 لذلك حين تصل المسلاتيات إلى الحدود التشادية تكون الجروح والكدمات بادية على أجسادهن، ناهيك عن المهانة التي تنطق في وجوههن. 

الآن وبعد مرور أكثر من شهرين على الوصول، قالت ناجيات إن أوفرهن حظًا وصلت مرورًا بعشرة كمائن للمسلحين . بينما اضطر بعضهن إلى عبور 13 إلى 15 من الكمائن التي تنتشر على مسافة 35 كيلو مترًا، ما يعني احتمال وجود كمين بعد كل كيلومترين إلى ثلاثة.

قيل إن التوقف الطويل في هذه الرحلة كلّف بعض النازحات حياتهن، وعرّض أخريات إلى الاعتداء الجماعي، وأن الحل الأمثل للوصول- رغم أن الجثث الملقاة على قارعة الطريق تقلل الأمل- هو أن تسير بسرعة وأن تتوقف عندما يطلب منك التوقف، و أن لا ترد على الشتائم، وأن لا ترد للمسلحين طلبًا. كانت النصائح تصل بطريقة أو بأخرى للهاربين والهاربات فيأخذون بها، وإلا فإن السقوط بانتظارهم كما سقط آخرون، رغم ذلك تظل هذه النصائح مجرد توصيات ليست ضمانات بالنجاة.

وصل البعض وسقط الآخر 

 تحكي صفية بينما يتبدل صوتها وهي تروي شهادتها حول أربع من نساء المساليت هربن من “الجنينة” في السودان إلى مدينة “أدري” في تشاد كن يربطن أطفالهن على ظهورهن. 

 تربط الأمهات الهاربات من أتون الحرب في السودان إلى تشاد أطفالهن الرضع على ظهورهن بقطعة قماش متينة، تنتهي إلى عقدتين موثقتين بإحكام أعلى الصدر. هذه القطعة تخفف ثقل الحمل على الأم، وتحرر يديها اللتين تستعملهما لحمل الطعام والماء، وتترك جزءًا منها يغطي رأس الطفل ليحيمه من الشمس القاسية.  

وصلت السيدة الأولى الى المركز الصحي وقبل أن يبدأ الممرضون في علاج جروحها، اتكأت على سطح لتفك عقدتي قطعة القماش التي تحمل طفلها، ليصعق جميع من في المركز بصرخة مدوية. وجدت المرأة رضيعها ابن الأربعة أشهر ميتًا. تكررت القصة، في اليوم نفسه مع ثلاث نازحات أخريات.

هل يصبح الهروب من الموت مميتًا؟ 

 عشرون دقيقة للكيلومتر الواحد، يُقدّر مشي امرأة تحمل على ظهرها طفلًا ولا تتمتع بصحة جيدة، بينما تقطع المرأة صحيحة الجسم التي تمشي بمفردها الكيلومتر الواحد في 12 دقيقة. تبدو هذه الدقائق السبع بلا قيمة في الظروف العادية، فالمرأة قد تتباطأ أو تتمشى على مهلها متأملة المناظر حولها فتأخذ نصف ساعة بدلًا من 12 دقيقة.

 وفي حالة كونها هاربة من شيء ما، فإن فرق الدقائق هذا يعد مسألة حياة أو موت، وإذا كانت تحمل طفلًا على ظهرها وكانت درجات الحرارة في يونيو/ حزيران تتراوح بين 31 و35 درجة، وإذا كانت الطريق التي تقطعها وعرة ومقفرة، وإذا كانت جائعة وطفلها جائع أكثر منها، وإذا كان الطريق ملغّم بالمسلحين القتلة، وإن كان ليس لهم مكان محدد يمكن تجنبه، وأن كان الممكن ظهورهم في أي لحظة، إذا كان الأمر هو كل ذلك فإن هذه الدقائق تعدل عمرًا. 

المسافة بين مدينة “الجنينة” على الحدود السودانية و”أدري” التشادية قصيرة نسبيًا، حوالي 32 كيلو متر، أي أنها تسمح للمسافر برًا بأن يحمل عتادًا متوسطًا، وأن يصل خلال وقت قصير، يقدره محرك خرائط جوجل بسبع ساعات وست دقائق على القدمين، يلزم تفسير إذن لعبور أربع نساء المسافة نفسها بين المدينتين في يومين تخللهما عشرات احتمالات القتل والتعرض للاعتداء والاغتصاب، إذ انطلقت رحلتهن عند الثامنة مساء من يوم 14 ولم تنته قبل حلول يوم  16حزيران (يونيو) الماضي، وحين وصلن كان الصغار قد ماتوا على ظهور أمهاتهم.

لحظة الوصول إلى أدري

 بعد رحلة مرهقة سيرًا على الأقدام وعند وصول أفواج النازحين الذين نجو من شبح الموت الذي لاحقهم حتى وصولهم الحدود التشادية، انهمر عليهم عمال الإغاثة وسيارات إسعاف من كل صوب، كانت صفية، التي تعيش حاليًا في مخيم “أدري”، هناك وأدركت من الأعداد التي وصلت أن الإغاثة لن تقتصر على يومين ثلاثة، وأن هناك حاجة إلى من ينقل الأخبار الحدودية هذه بقصصها الإنسانية أولًا بأول. 

بدأت في تغطية مشاهداتها ومقابلة الواصلين وأخذ المعلومات منهم ونشر ذلك على حسابها في فيسبوك. وأطلقت من خلاله مبادرة صغيرة اقتصرت على جمع الأموال من أجل توفير مشمعات ثم تطورت لجمع الملابس. في البداية كانت تعمل وحدها ومع تزايد الأعداد والحاجات انضمّ إليها متطوعات ومتطوعين. ليكونوا شبكة من الصحافيين والفاعلين يعملون بصمت، في حين نقرأ شكاوى منظمات عالمية من صعوبة تغطية الوضع ومن خطورة إرسال مراسلين لتلك المناطق متجاهلين صحافيين وصحافيات مثل صفية وغيرها.

لاحظت مبادرة صفية أن المساعدات القليلة التي تصل إلى المخيم لا تحتوي على فوط صحية للنساء حتى تلك التي تصل من منظمات عالمية، فأطلقت مبادرة لتوفيرها لخدمة ستة معسكرات تتراوح أعداد النساء فيها ما بين 500- 700 امرأة من أعمار مختلفة. 

قبل أن ننهي مقابلتنا الافتراضية، أخبرتنا صفية أنها نقلت إلى معسكر “متشي” الذي يبعد عن “أدري” 58 كيلومترّا، يتقطع اتصالنا بين الحين والآخر، حيث تتكلم معي ومع شخص يحاول تدبير خيمة في معسكرها الجديد تناسب موسم الأمطار الذي بدأ في تلك المنطقة. لذلك تفكر السلطات التشادية في توزيع اللاجئين، في الوقت الذي يهدد ويعرقل البعد الجغرافي الذي سيعتمد على توزعيهم الجديد في المعسكرات لعمل صفية ورفيقاتها ورفاقها من المتطوعين.

راديو داراندوكا 

خلال أحد النزاعات الكثيرة السابقة، هاجرت سلمى إبراهيم إلى بريطانيا، حيث تعيش حاليًا، بينما بقي عدد من أفراد عائلتها في “الجنينة”، وهؤلاء ممن لحقوا بركب هروب المساليت نحو تشاد .

ابتدرت سلمى فكرة برنامج في إذاعة داراندوكا، لتستضيف فيه الناجيات و نساء المعسكر لسرد شهاداتهن خلال الحرب ورحلتهن الوعرة نحو “أدري”، ونقل أوضاع المخيمات و احتياجاتها. وكانت مقابلة صفية من أول ما بثه الراديو للتحدث عن واقع المخيم عبر الراديو وعن مبادرتها التي أطلقت عليها مبادرة أبنوسة.

محاولة رشيدة إبراهيم 

أطلقت إحدى نساء المخيم، رشيدة إبراهيم، المتخصصة في علم الاجتماع من جامعة الفاشر مبادرة هي الأخرى في ست معسكرات تحصر من خلالها عدد ضحايا الاعتداء الجنسي. فكل سيدة في المخيم تعرف عن فتاة أو سيدة أخرى اغتصبت أثناء الهروب. الأعداد أكبر مما تصورت رشيدة رغم أن كثيرات رفضن الحديث خشية الوصمة الاجتماعية وردود فعل القريبين منهم تجاههن. 

تمكنت رشيدة من تكوين جلسات دعم اجتماعي ونفسي داخل المعسكرات بسرية وفي نطاق ضيق وبتحفظ شديد، من بين من تعاملت معهن طفلات لم يبلغن بعد.  

تعمل جميع السيدات في تناغم مع بعضهن البعض، وتنافر مع الأوضاع المحيطة، ففي الوقت الذي تنتظر فيه كل واحدة منهن الحصول على بيت لأسرتها في المعسكر ينتظرها موسم خريف ماطر وعنيف.

يأس عبلة صالح وأملها 

حين التقيتها أول مرة كان ذلك بعد ثورة ديسمبر 2018، كان صوتها مميزًا وقويًا في ندوة “الحوكمة وإشراك الشباب في التنمية”، أُسقط البشير وقتها ووصلت آمال الناس إلى ذروتها. كانت نسوية حقوقية، طالبة الدراسات العليا في العلوم الإنسانية بجامعة الخرطوم، متحمسة لسلام يمتد إلى ربوع السودان كلها، تتحدث في كل محفل عن فرص متساوية ونساء يعتلين مناصب صنع القرار.

لكنها اليوم ليست عبلة التي عرفناها، قليلة الكلام وتكتفي بترديد شعر لمحمود درويش “وطنيون كما الزيتون، لكنا مللنا صورة النرجس في ماء الاغاني الوطنية”. 

تروي عبلة كيف ذهبت إلى “الجنينة” مدينتها الأم، قبل الحرب، في رمضان وقبل أن تعود لجامعتها في الخرطوم لإكمال كانت الحرب قد بدأت فيها، وسرعان ما انتقلت إلى الجنينة. تصف عبلة معاناة النساء على مستويات مختلفة، فإلى جانب اضطهادهن بوصفهن نساء في المقام الأول ونسب القبيلة تاليًا، إلا أنهن يتعرضن إلى أشكال أخرى من التمييز بناء على درجة لون البشرة؛ فهناك بكلماتها “البشرة الداكنة”، و”الداكنة أكثر من اللازم”. 

تقول إنها كانت من المحظوظات، فلم يحرق المسلحون منزلها و اكتفو بسرقة الممتلكات، كما أنها ظلّت في حيها لمدة أطول، في وقت بنوا فيه نظام حماية ذاتي خططته النساء أنفسهن، حيث كلفن شبان الحي بالوقوف في ارتكازات في مداخل الحي من أجل حمايته وكلفن أنفسهن بالرعاية و جلب الطعام والماء لكي لا يبارح الشبان أماكنهم. وحين يتعرض أحد الشبان أو الفتيات للتوقيف أو التفّ حوله مسلحون، تأتي العجائز منهن للتفاوض والتوسط وتخليص الشباب من المسلحين، وكثيرًا ما نجحن في ذلك.  

تفاجأت عبلة مرة بأطفال مسلحين يوقفونها قرب حيّ النسيم، حيث تسكن قبائل عربية موالية للدعم السريع. تقول إنها لم تتوقع أن مدينة “الجنينة” ضيقة الى هذا الحد، وأن هناك من يراقب حسابها الشخصي على فيسبوك، حيث كتبت منشورًا تدين فيه انتهاكات قوات الدعم السريع. سألها المسلحون عمّا إذا كانت “عميلة الجيش” التي كتبت على صفحتها في فيسبوك منشورًا تصف فيه الدعم السريع بأنهم “تربية الكيزان” أي نتاج نظام البشير.

تذكر “لا أظن أن أحدًا منهم تجاوز السادسة عشر، و بالرغم من ذلك تعدو عليّ جنسيًا، كنت أستمع الى حديثهم غير المفهوم بالنسبة لي، يد أحدهم تمتد إلى صدري وأنا مشلولة بمزيج من الخوف والدهشة”. استسلمت عبلة لتلك الأيادي الصغيرة التي تحمل بنادق وتحركها كراهية تكفي للضغط على الزناد.

 الآن وبعد وصولها تشاد تحاول عبلة أن تطمئن أصدقائها الذين انقطع اتصالهم بها منذ أكثر من شهرين .و تحاول تقديم المساعدة في حيز إقامتها، رغم الصعوبات التي تواجهها حتى في إصدار بطاقة لاجئة.

تطوعت عبلة خلال الشهرين الماضيين في عيادة ميدانية، ولكنها ترى أن العمل يواجه تعقيدات لأن سياسات الدولة المستقبلة لهم معقدة جدًا. و بينما يحاول الجميع الدفع بعجلة العمل يشعرون بأن “أيديهم مكبلة”، موضحة أن بإمكانهم تقديم المزيد لو تعاونت معهم الحكومة التشادية قليلًا، خاصة و أن المعسكر لم يحظ باهتمام كافي من منظمات العون الإنساني حتى الآن، فضلا عن التغطية الإعلامية الضعيفة لظروفه منذ اندلاع الأحداث.

الآن وبعد أن رُفعت سرادق عزاء المساليت، و بينما يمثل الجميع انعكاسًا لحياته السابقة في الجنينة،  تُحكى القصص بشتى الطرق، متنقلة بين الأزمنة والأمكنة المتداخلة و الخاضعة آنذاك لعنصر المفاجأة وسرعة الأحداث، بينما تجتمع عند النقطة التي تخلق فيها النساء -الأقل إسهامًا في الحروب وقرارتها- شبكات عفوية ومقصودة في آن لإجلهن، علهن يجدن متسعًا للحياة في أرض جديدة.